14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); يقول مولانا -جل جلاله- وتباركت أسماؤه وتقدست صفاته "ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى"، ويقول -جل وعز- "فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون"، صدق الله العظيم. لماذا بعد انقطاع عن الكتابة دام أكثر من خمس عشرة سنة تقريباً عدت "بالرضا"؟.عندما أتفحص في كثير من أحوال الناس في دنيانا الفانية، في وجوههم، في حياتهم، سلوكهم، تصرفاتهم، سرورهم، تعاستهم.. إلخ، أرى كثيراً من التذمر، التشكي.. عدم الرضا!.مع أن كثيراً من هؤلاء مشاهير، أثرياء، نبلاء، يملكون كل أسباب السعادة الدنيوية والرفاهية والترف من أزواج، ذرية، أموال، عقارات، طائرات خاصة، يخوت.. مع كل هذا تجدهم يتذمرون ويشتكون من عدم السعادة الروحية والنفسية! لا بل وكثير من هؤلاء ليس على ملة الإسلام، ممن يشار إليه بالبنان ينتحرون.والأدهى والأمرَّ بعض هؤلاء مسلمون، ترى في وجوههم كل تعاسة الدنيا وبؤسها كأن ملك الموت قد تأهب لقبض أرواحهم!.عوداً على بدء "ومن أصدق من الله قيلا" "ومن أصدق من الله حديثا"، قارئي الكريم، هل هناك أكثر من الذي خلقك فسواك فعدلك، في أي صورة ما شاء ركبك، يعلم ما الذي يسعدك وما الذي يتعسك! ما الذي يسرك والذي يسوءك؟ لا شك لا أحد أعلم وأرحم وأكرم منه جل جلاله.فهو -جل جلاله- أعطانا الوصفة الربانية في كتابه الكريم في الآيتين السابقتين في صدر هذا المقال، وهو بكل وضوح وبساطة في معناها العام أن الإنسان كلما اقترب من ربه بطاعته وطلب رضاه في هدي نبيه المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في كل شعب حياته ومناحيها في نومه، في يقظته، مرضه، صحته، فقره، غناه، يسره. كلما زادت سعادته في هذه الفانية بل والآخرة أيضاً، فالدنيا جسر للآخرة.لو لاحظت عزيزي القارئ الحصيف حتى اللفظة القرآنية "ضنكا" توحي بالتعاسة والشدة والعسر. إشارة إلى البعد عن الرب -جل وعلا- والعكس صحيح. وكذا في الآية الثانية ربط مولانا -جل جلاله- ذكرنا له بذكره لنا.فإذا ذكرك الله وهو من هو الغني عنك وأنت أشد ما تكون فقراً إليه فماذا يكون؟.فليس هناك في الكون حالة لهذا الإنسان الضعيف أفضل من أن يكون ملك الملوك لا ينساه بل يذكره! فأي سعادة "رضا" إذا كان الملك الأعلى يذكرك؟ فأنت لو قالوا لك إن ملكا من ملوك الدنيا قد أرسل لك كتاب مدح وثناء ورضا عنك؟.فما الخير الذي تتوقع منه؟ لا شك أنك تتوقع كل خير من مال وعطاء وقرب وقوة سند وعون. فما بالك إذا كان هذا الذاكر لك من يملك الدنيا والآخرة؟ من بيده ملك وملكوت كل شيء الذي يقول للشيء كن فيكون؟.هل أدركت قارئي العزيز بعد هذه الكليمات القليلة من أين الرضا؟ كان سيد الثقلين -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر واشتد به كرب لجأ إلى ربه، وقال أرحنا بها يا بلال "الصلاة".فانظر قارئي الكريم إذا حزبنا أمر واشتد بنا الكرب لمن نفزع؟.للوزير، للمدير، للبنوك، للصديق، للقريب، والبعيد، إلا من رحم الله وننسى الجليل الأعلى، من على العرش استوى، ولا بأس أن يكون لنا شيء من الراحة والأنس في الزوج والولد والمال والصديق والسفر. ولكن لا كل الراحة ولا في كل الأحوال إلا في الصلاة. ولا شك! لأنها علاقة بينك وبين الرب -جل جلاله-، فبقدر حفاظك عليها تكون سعادتك ورضاك.يقول الشاعر:إذا كنت ذا قلبٍ قنوعٍ فأنت ومالك الدنيا سواءأصدقك القول عزيزي القارئ والذي لا إله إلا هو وبعث الحبيب المصطفى بالحق إن كل السعادة في مقدار قربك من الله، وقوة إيمانك وقوة اليقين على موعودات الله في الغيب والشهادة. كم عندك من الأذكار اليومية؟ كم من أحزاب الكتاب المقدس "القرآن" في اليوم والليلة تقرأ؟.ختاماً إن كنت في شك يا سيدي من هذه الاستدلالات على الرضا، فانظر حولك ترى رجلاً في الشارع يركب دراجة بجانبه سيارة فارهة من أغلى السيارات وأترفها فوالذي لا إله إلا هو - قد يكون راكب الدراجة أكثر سعادة من الذي في هذه السيارة، وقد يكون رجلاً في خيمة في صحراء مترامية الأطراف مع غنيمات له أسعد "من بعض" سكان القصور والدور والغرف التي تجري من حواليها الأنهار.يقول حبيبنا المصطفى الذي كان بين الرجال بطلاً وبين الأبطال مثلاً "من بات آمناً في سربه عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها"، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.يا سيدي يكفيك حديث الحبيب لو أبحرت في عبابه وسبرت حقيقة أغواره لارتاحت كثير من النفوس من همومها وأشجانها وأحزانها، ولأدركت أن هذه الدنيا حقاً حقاً لا تساوي عند الله جناح بعوضة! فما بالك الخلق كيف يقيمونها أكثر من مما ينبغي.عجباً عجباً عجباً.