12 سبتمبر 2025
تسجيلتلعب الإدارة دورا أساسيا ومحوريا في صناعة الأمم، إلى جانب سيادة الوعي المرتبط بالدين والثقافة والعلم والحماس، وهي عناصر ضرورية تصنع الفرق بين الأمم، وتضع بعضها على طريق الحضارة، وترمي أخرى في غياهب التخلف والنسيان، وهذا ما يفسر حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي رواه البخاري: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة"، فليس أضر على الأمم من وضع الأمور في يد تفتقر للكفاءة والتأهيل، لأن من شأن ذلك تدمير المؤسسات والدولة بأكملها وتكبدها الكثير من الخسائر المادية والمعنوية، فقرار واحد خاطئ كفيل بأن يؤدي إلى إفلاس مؤسسة من المؤسسات، أو جر جيشه إلى هزيمة، ولهذا فإن اختيار "القوي الأمين" لحمل الأمانة والمسؤولية، مسألة حياة أو موت بالنسبة للمؤسسات والمنظمات والدول.وإذا كان وجود ما يكفي من الكفاءات الوطنية عالية المستوى لإدارة دولة بكل أجهزتها، أمر في غاية الصعوبة، فإن المقاربة السديدة لإيجاد أكبر عدد ممكن من الكفاءات الوطنية هي الأسلوب السوي لإدارة الدولة بشكل "ممكن ومعقول"، على طريق إعداد ما يكفي من الكفاءات والقيادات لكل المناصب والوظائف في الوزارات المؤسسات والأجهزة الحكومية، بما يعطي الدولة قدرة على التحرك إلى الأمام بقوة وسرعة وفاعلية، وخلق ما يكفي من الزخم للبقاء في دائرة الأداء الأفضل على مستوى العالم، وهي شروط ضرورية لإنتاج التميز.إذا انتقلنا من النظرية إلى التطبيق فإن وزارة التنمية الإدارية، التي تحولت إلى كيان ضخم بعد دمجها مع وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، تقوم بدور كبير في تحديث وتطوير أداء الجهاز الإداري الحكومي بما يمكنه من تقديم خدمات عالية الجودة بمعايير عالمية لسكان دولة قطر تحقيقًا لرؤية قطر الوطنية 2030، من خلال توفير ورعاية وتطوير العنصر البشرى والتطوير المستمر للتنظيم ونظم وأساليب بالعمل، استجابة لمتطلبات مراحل التطور المختلفة بالتعاون مع الجهات الحكومية وباستخدام أفضل التقنيات والخبرات المهنية والمعايير في مجالات التنمية الإدارية.وهنا يأتي دور معهد الإدارة الذي يسعى إلى تدريب الموظفين القطريين، وتزويدهم بالخبرات والمعارف الوظيفية اللازمة التي تمكنهم من القيام بمهامهم الوظيفية الموكلة إليهم، وإطلاق الطاقات الإبداعية الكامنة التي تقود إلى بناء قوة عمل وطنية ذات إنتاجية عالية.وقد ترجمت إدارة التدريب في معهد الإدارة هذه السياسة وحولتها إلى واقع عملي من خلال مجموعة كبيرة من البرامج التدريبية التي استفاد منها أكثر من 17 ألف موظف قطري، وكان آخرها البرنامج الكبير والطموح لتدريب القيادة الإدارية والإشرافية والتي شارك فيها في المرحلة الأولى 134 مديرا من مختلف الوزارات وأجهزة الدولة، وستليها مرحلة ثانية من أجل إكمال مسيرة التدريب الذي يشمل جميع شاغلي الوظائف القيادية والإشرافية.جديد إدارة التدريب بمعهد الإدارة العامة، هو التوسع في استقطاب مدربين قطريين، وصل عددهم إلى 20 مدربا قطريا تقريبا، وذلك من أجل إتاحة الفرصة لهذه الكفاءات بتدريب الجيل الجديد من القادة والموظفين في الدولة، فهذه الخبرات تختزن الكثير من التجارب العملية والخبرات التراكمية التي يمكن الاستفادة منها، بما يلبي الاحتياجات المتزايدة للتدريب.هذه الاحتياجات تتوزع على نوعي التدريب: برامج ذات صلة بتنمية القدرات الإدارية بأبعادها المعرفية والمهارية والسلوكية مقسمة إلى ثلاثة مستويات: تنفيذية، وإشرافية، وقيادية، وبرامج ذات صلة بتنمية القدرات التخصصية.هذه البرامج لا تنطلق من فراغ، بل تتبع بوصلة واضحة الاتجاه، لأنها صممت لتنسجم مع فلسفة ربط المسار التدريبي بالمسار الوظيفي التي تؤكد على أهمية التدريب وضرورته للارتقاء والتقدم الوظيفي وربط التدريب بالقدرات الوظيفية وطبيعة العمل للتمكين المتدربين من موظفي القطاع الحكومي القيام بأعمالهم.لاشك أن وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية تشكل "رأس حربة" الفريق الحكومي في الارتقاء بالموارد البشرية وتعظيم رأسمال البشري القطري، فالإنسان هو أغلى ما تملكه الدولة، هو صانع الإدارة والقيادة والريادة والحاضر والمستقبل. وهو الدور الذي تلعبه الوزارة باقتدار.