14 سبتمبر 2025

تسجيل

الحاكم بأمر الله

27 مارس 2014

إذا أردت أن تعرف الفئة التي أعنيها في هذا المقال وتتعرف عليها وعلى طريقة تفكيرها وأسلوب حوارها وفهمها للإسلام بل وإذا أردت أن تستدعيهم من أوكارهم وخنادقهم أو توقظهم من نومهم العميق وسباتهم الطويل.. ما عليك إلا أن تكتب مقالاً في جريدة أو نحوها أو تكتب تغريدة في تويتر ونحوه دفاعاً عن أي حاكم مسلم "منتخب من شعبه" أو بداية لمشروع "حاكم مسلم عادل" مثل تجربة "الرئيس الشرعي محمد مرسي" في مصر أو أن تكتب نقداً لحاكم مجرم ظالم فاسق خائن "متغلّب" مثل "عبدالفتاح السيسي" أو أن تكتب دفاعاً عن مظاهرة أو ثورة غضب لشعب ضد حاكم جائر سارق محسوب على طائفة المسلمين اسماً وشهادة ميلاد.. أما الأفعال فهي محسوبة على الصهاينة والنصارى والمنافقين الجدد "الشيعة"، فأنت عندما تفعل ذلك وتكتب ما أوصيتك بكتابته فإنك سترى عدداً من الردود والأقلام التي انبرت للدفاع عن "الحمل الوديع" و"الوجه الطفولي البريء" الذي من فرط "براءته ونعومته" يحرص على "حلق ذقنه" وفي نطق المصريين "حلق دقنه" أملطاً متشبهاً بالأطفال في "نعومة خدودهم" أو ربما متشبهاً بالنساء أيضاً "في كيدهن العظيم".. المهم أنه لا يتشبه بمن يدافعون عنه من أهل اللحى الذين انبروا صفوفاً في طابوره الخامس أو ربما "الأول" مدافعين عن "الإمام الأكبر" أو "خادم الأزهر الشريف" أو "الحاكم بأمر الله" أو "المعتصم بالله" أو "المنتصر بالله" أو "الفقير إلى الله".. أو نحوها من الألفاظ التي اتخذها بعض حكّام المسلمين في سالف العهود أو ربما وصفهم بها أمثال هذه الفئة التي نتحدث عنهم وطالما أن الكلام والألفاظ "ببلاش" فماذا يخسرون بتلك التسميات التي تنزل الناس "منازلهم ومكانتهم" بعد أن أصبحت ألفاظ "يا بيه" و"يا باشا" و"يا سيادة الريّس".. موضة قديمة!!إن أشدّ ما يغيظ وأكثر ما نستغرب منه هو تلك الفئة التي تدّعي فهمها للدين واستدلالها بالأحكام من الكتاب والسنّة والأدلة من أقوال وأفعال السلف الصالح فيما يتعلّق بتحريم المظاهرات وتحريم الخروج على حاكم ظالم "أفسد دين الناس ودنياهم" حتى أصبحت الحياة عند الناس أشبه بالموت بل إن الكثيرين أصبحوا يتمنون الموت على الحياة بلا كرامة وبلا لقمة عيش وبلا مأوى ناهيك عن أن يكون لهم حريّة تعبير أو رأي لأنها مرحلة لم يصل إليها الناس أصلاً لانشغالهم في اتخاذ المقابر بيوتاً لهم "كما في منطقة المقطّم بمصر التي يقطنها الأحياء إلى جوار الأموات وسط القبور" أو لانشغالهم في البحث عن فتات خبز أو بقايا عظم خروف أو دجاجة بين أكوام القمامة، حيث أن هذه الفئة من أدعياء الفهم الصحيح للإسلام لايجدون فيما سبق وصفه من جرائم ضد الإنسانية ناهيك عن أنها جرائم ضد إخوانهم المسلمين المستضعين.. فهم لايجدون في ذلك أدنى إحساس!! أو تحريك لمشاعرهم!! التي ينبغي أن تصرخ في وجه الطاغية "كفى ظلماً" رغبة في نيل رتبة "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" بل على العكس من ذلك فقد تبلّدت مشاعرهم فلم يعودوا يشعرون بمعاناة إخوانهم المسلمين ولم ينبروا دفاعاً مستميتاً عن المظلومين والفقراء والمحتاجين من إخوانهم المسلمين وإنما انبروا دفاعاً مستميتاً عن الحاكم السارق القاتل الذي أهدر دماء المسلمين! وانتزع حجاب المسلمات! واعتقل أهل المساجد! ونصر أهل الكنائس! وأخرس قنوات القرآن والحديث والخير والدعوة والإصلاح! وأطلق قنوات الأغاني والأفلام والشر والفساد والعهر والنفاق!إني لأعجب كيف أن هذه الفئة قد جنّدت نفسها في جيوش الظلمة مستدلّين بأحاديث الطاعة للإمام ولو كان عبداً حبشياً بلا استيعاب عميق لمدلول تلك الأحاديث التي ضربت "صفة" العبد الحبشي أو الأسود مثالاً للصفة الجسمية أو الجسدية التي لا تتعلق بشخص الحاكم ولا بعقليته ولا بتفكيره، لأن المراد منها هو ضرورة الاتباع - فيما لايخالف الشرع - لهذا الحاكم المسلم أو ذاك دون النظر في الصفة "الخَلقية" التي خلقه الله تعالى بها وإنما النظر في الصفة "الخُلقية" التي تربى وتعلّم ونشأ الإنسان عليها، فالاتباع الواجب - عند اكتمال الصفات الخُلقية "أي الأخلاق" دون الصفات الخَلقية "أي الشكل واللون والهيئة" - مشروط بأن يحكم بالإسلام وأن تنطبق عليه شروط الحكم والإمامة لا أن يُدلّس الحاكم على الناس وأن يكذب عليهم بأنه "مسلم" ظاهراً بينما أفعاله لاتنتمي للإسلام بصلة!! إلا عند ممارسة بعض الصلوات "الرسمية" كصلاة الجمعة مرّة واحدة في الأسبوع في أحد مساجد "الحكومة الرسمية" وسط جيوش من المصوّرين الذين يلتقطون صوراً له في كل ركعة وسجدة ويسترقون سمع كلماته في كل تنهيدة أو تسبيحة "بحمد الأميركان طبعاً" لكي تتصدر صوره في اليوم التالي في الجريدة الرسمية ليظهر للناس بأنه "عابدٌ زاهد" بينما الواقع يقول كما قال الشاعر: (قد بلينا بأمير ذبح الناس وسبّح..فهو كالجزّار فينا.. يذكر الله ويذبح).إن هذه الفئة محاسبة أمام الله تعالى عن كل كلمة دافعت فيها عن الطغاة افتراء على الإسلام وتجنّياً عليه بشكل يظهر الإسلام والمسلمين بأنهم قومٌ أذلّة لا يستطيعون اختيار حاكم عادل يقودهم وإنما يتعلّقون بالأعذار الواهية ويتواكلون عليها ويلقون عليها فشلهم الذريع في اختيار حاكم مسلم عادل من بينهم بشكل يتوافق مع أساليب العصر وتغيّر الزمان بل وفي الوقت نفسه يؤيّدون مبدأ "قطّاع الطرق" الذين يسلبون الناس حقوقهم وأموالهم وأوطانهم بأي طريقة كانت، كل ذلك من أجل أن يشفى "غليلهم" في جماعة الإخوان المسلمين أو أي جماعة أخرى من جماعات المسلمين من أهل السنة والجماعة الذين امتلأت بهم السجون وحكم عليهم الطغاة بالإعدام الجماعي وسط مباركة وتأييد من هذه الفئة من المطبّلين والمصفقين.. ولاحول ولاقوة إلا بالله.. وحسبي الله ونعم الوكيل.