17 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر وإغاثة اليمن

27 فبراير 2016

وقف المؤتمر الدولي بشأن الأزمة الإنسانية في اليمن الذي نظمته جمعية قطر الخيرية في الدوحة مؤخرا على أرقام مروعة لحجم الكارثة التي يرزح تحتها أكثر من خمسة وعشرين مليون إنسان جراء الحرب العبثية التي أشعل نيرانها الحوثيون والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح ضد اليمنيين بعد انقلابهم على كل مؤسسات الدولة وحكومتها الشرعية، حيث أصبح نحو عشرين مليونا بحاجة إلى المساعدة، بينهم نحو ثمانية ملايين يمني بحاجة ماسة إلى إغاثة عاجلة من الغذاء والمياه، وقد خلصت أوراق العمل التي عرضت على 90 منظمة إنسانية ودولية وإقليمية وعدد من الشبكات الدولية ونحو 150 خبيرا متخصصا شاركوا في المؤتمر إلى أن حجم المعاناة يتطلب ميزانية كبيرة قدرت بنحو 159 مليون دولار لتنفيذ تدخل سريع ولن يتأتي ذلك إلا بتضافر حقيقي من المجتمع الدولي الذي يجب عليه تفادي حدوث مأساة أخرى كالتي حدثت في سوريا.لم تكتف جمعية قطر الخيرية بما قدمته لليمنيين منذ عام 1994 من دعم لقطاعات الصحة والتعليم والمياه والتي تجاوزت تكلفة مشاريعها 160 مليون دولار، بل سارعت إلى تنظيم مؤتمر دولي لوضع آلية محددة تقوم على قاعدة بيانات ومعلومات تضمن توحيد الجهود والرؤى بغية تقديم مبادرات نوعية تعجل بإيجاد مخرج للأزمة الإنسانية التي تسببت في تدمير أكثر من 60 في المائة من المرافق الصحية والتعليمية وتشريد أكثر من مليونين ونصف المليون من النساء والأطفال وكبار السن في طول البلاد وعرضها، الأمر الذي يتطلب تحديد أهم المشاكل والصعوبات التي تواجه العمل الإغاثي خاصة إذا ما علمنا أن التجويع والحصار الخانق أصبحا من الأسلحة التي تلجأ إليها ميليشيا الحوثي وقوات صالح لتركيع نحو ثلاثة ملايين من سكان تعز، حيث يقول شاهد عيان من أحد مداخل المدينة المحاصرة: رأيت بأم عيني كيف يشق الحوثيون بالسكاكين أكياس القمح والدقيق لتتناثر على الأرض أمام أعين الجوعى وكيف يستهدفون خزانات المياه في مشهد من القسوة وغياب الإنسانية لم يألفه اليمنيون مطلقا إلى درجة أن المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي تواجه صعوبات كبيرة وفي كثير من الأوقات يستولي الحوثيون على شحنات المساعدات الإنسانية ويحولونها إلى دعم لجبهات القتال، في ظل هذا الواقع سارعت جمعية قطر الخير إلى إعداد دراسة ميدانية للوقوف على حقيقة الوضع وتحديد معوقات العمل الإغاثي خاصة في المناطق التي طحنتها "مسيرة الحوثيين القرآنية " وقد ركزت الدراسة على الآتي : - إنجاز تصور واضح عن الاحتياجات العاجلة لمواجهة الظروف المأساوية خصوصا في المجالات: الصحي والغذائي والتعليمي، بالإضافة إلى المأوى.- إنجاز برامج وأنشطة تلبي الإنعاش الاقتصادي وتأمين سبل العيش للأسر الفقيرة والمتضررة من الحرب.- تفعيل الربط بين العمليات الإغاثية والتنموية التي تقوم بها مختلف المنظمات بغية توحيد الجهود الإغاثية وتوسيع قاعدة المستفيدين بما يحقق عدالة في تقديم وتوزيع الخدمات في جميع المناطق المتضررة.هذه المحددات مهمة جدا لأنها تعطي قراءة جديدة للعمل الإغاثي الذي ينطلق في مرحلتين: الأولى تتمثل في سد الحاجات اليومية للمشردين والمتضررين، والمرحلة الثانية تعمل على تحقيق مبادئ التنمية المستدامة والتمكين الاقتصادي لتحويل المحتاجين والفقراء إلى قوى منتجة تسهم في تعزيز عجلة الإنتاج والتنمية للمجتمعات بعد انقشاع الغمة وعودة الاستقرار. منذ بدء الحرب في اليمن لم تألُ قطر جهدا في تقديم العون والدعم لأشقائها وهي بذلك تعزز قناعة راسخة لدى كل اليمنيين أن هذا البلد الكريم أهله يقف دوما في مختلف الظروف والملمات إلى جانب الإنسان وينحاز إلى قناعات الشعب، فعندما اندلعت حرب 1994 وقفت قطر مع الوحدة، وعندما هتف اليمنيون بالتغيير والمواطنة المتساوية في ظل دولة مدنية حديثة انحازت قطر إلى خياراتهم بل وعملت على تعريف العالم بما يعانيه شعب عربي في جنوب شبه الجزيرة العربية، لن ينسى الطلاب اليمنيون في الخارج أيادي قطر البيضاء التي توزع عليهم منحا مالية سنوية بمبلغ 604 آلاف دولار، ولن ينسى كرمها المرضى الذين يتلقون العناية الصحية في مستشفيات ومراكز صحية أنشأتها قطر في أكثر من مدينة، ولن ينسى المعروف من يسيرون يوميا على طرق إسفلتية بمئات الكيلومترات رصفتها قطر، سلوك قطر الإنساني وفزعتها في إغاثة الملهوف يجعل اليمنيين يطمعون في المزيد، فلقد تعممت الكارثة وأصبح من كان ينتمي إلى الطبقة الوسطى الميسورة الحال يقول رب إني مسني الضر.