11 سبتمبر 2025

تسجيل

الدوحة..واحتضان قمة العرب للإصلاح والتغيير

27 فبراير 2016

ثمة حقيقة ميدانية شاخصة في العالم العربي اليوم تقول بأن النظام السياسي العربي العام يزحف على بطنه من الفشل!، بسبب خيبات المرحلة الماضية، وحالة الانقسام و التشرذم العربي غير المسبوقة ـ وصراع الأجندات الدولية المختلفة لشل الإرادة العربية وفرض وقائع وخرائط وعقليات ومفاهيم جديدة مشوهة!، وقد مثل اعتذار المملكة المغربية عن عدم عقد قمة مراكش العربية المقررة سلفا تأكيدا راسخا لتلك الحقيقة، وقد كانت مبررات التأجيل أو الإلغاء هي تفاقم الخلافات العربية!! بينما في تقديرنا المتواضع بأن ذلك التبرير هو الأدعى لأن تعقد القمة وتطرح جميع المشاكل والرؤى الخلافية على طاولة البحث للخروج بمقررات قد تمثل الحد الأدنى من التوافق ولكنها ستكون الطريق لتقرير خارطة طريق مستقبلية عربية قد تؤدي لمتغيرات إيجابية! أما إغلاق الباب دفعة واحدة وقطع الطريق على أي احتمالات إيجابية فذلك ليس بالأمر الحصيف ولا المنطقي سياسيا و دبلوماسيا!، تاريخ القمم العربية منذ أن قامت لم يكن يوحي بالتوافق، بل على العكس فإن القمم العربية جاءت أصلا لتقريب المواقف بعد خلافات حادة وبعضها كان دمويا، فقمة الخرطوم مثلا عام 1967 عقدت بعد أبشع هزيمة عسكرية وحضارية عاناها العالم العربي أمام إسرائيل تم خلالها احتلال أراض لأربع دول عربية دفعة واحدة بما فيها أكبرها وقتذاك مصر التي فقدت سيناء، وسوريا التي فقدت الجولان، والأردن التي فقدت القدس والضفة الغربية، إضافة لمناطق أخرى وجزر صغيرة في البحر الأحمر!، وقمة القاهرة عام 1970 عقدت بعد حمامات الدم المسفوك في الأردن بين الجيش الأردني ومنظمة التحرير الفلسطينية فيما عرف بسبتمبر الأسود وكانت الخلافات العربية على أشدها في ذلك الوقت ونجحت القمة رغم اشتداد حدة الصراع في حقن الدماء وإرساء الطريق لواقع جديد رغم رحيل جمال عبدالناصر في آخر أيامها!، أما قمة بغداد الأولى عام 1978 فعقدت بعد انقسام عربي شديد بسبب زيارة الرئيس المصري الراحل أنور السادات للقدس وإعلان مبادرته السلمية لحل النزاع مع إسرائيل، فانقسم العالم العربي بشكل مرعب، وعقدت القمة وتم الخروج بنتائج ليست مثالية ولكنها كانت معبرة عن آفاق تلك المرحلة، أما قمتا فاس الأولى والثانية أعوام 1982/1981 فعقدتا في ظل انقسام عربي واسع حول الموقف من قضايا خطرة من أهمها الخلاف العراقي – السوري، والموقف من الحرب العراقية - الإيرانية.. وهلم جرا.. ولن نخوض في التفاصيل المملة والتاريخية لتلك القمم، بل نود التأكيد على ضرورة حشد الدعم والتوافق العربي لمواجهة مخاطر ومخططات المرحلة القادمة، وهي مرحلة صعبة جدا قد تغير الخرائط وتعيد رسم صورة المشهد السياسي والجغرافي في الشرق بأسره، وإذا كانت ظروف المغرب الخاصة لا تسمح بعقد القمة فإن البديل الجاهز والموضوعي في تقديري الشخصي والمحض متوافر في دولة قطر التي عرفت بدبلوماسيتها الرائدة وبأسلوبها العملي في حل الأزمات، وبمصداقيتها الكبرى في البحث عن البدائل وتنفيس الأزمات والخروج بصيغة سياسية تلبي متطلبات المرحلة الراهنة، الدوحة بدبلوماسيتها الشابة وروحها الوثابة والمعطاءة و بمنهجها العلمي الصحيح والصريح هي القادرة على احتضان قمة العرب الطارئة والخروج بنتائج طيبة قد تعيد الأمل لإمكانية ترميم الواقع العربي المتداعي!، فالدبلوماسية المتقدمة والهجومية التي رسم معالمها الشيخ الوالد حمد بن خليفة آل ثاني ومضى في طريقها سمو الشيخ تميم بروحه الشابة والوثابة المخلصة وخط يراعها الأول الشيخ حمد بن جاسم وسار على دربه الدكتور خالد العطية واستقرت حاليا في معية الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني هي القادرة على معالجة الجروح والفتوق والندبات التي تشوه وجه العالم العربي فيما شعوبه تخوض غمار المواجهة في سوريا والعراق ومصر واليمن ضد المشاريع الفاشية والمشبوهة التي تحاول تعطيل الدور العربي، في دولة قطر الأمل الحقيقي للمبادرة بإنقاذ ما يمكن إنقاذه من السفينة العربية الموشكة على الغرق..فهل نأمل في أن نرى الدوحة المكان الذي ستنطلق منه القمة العربية بروح جديدة وتحديات واعدة وإصرار على النجاح رغم وعورة الطريق؟ كل الاحتمالات ممكنة..وقديما قيل: لا تطلب الحاجات إلا من أهلها!..ودولة قطر هي الأهل والأمل لكل نجاح وتقدم ووحدة صف...