02 نوفمبر 2025

تسجيل

الأسرة متابعة وتوجيه

27 فبراير 2014

إن التنشئة الاجتماعية هي التي يتم بها انتقال الثقافة من جيل إلى جيل، والطريقة التي يتم بها تشكيل الأفراد منذ طفولتهم حتى يمكنهم المعيشة في مجتمع ذي ثقافة صالحة، فهي تحمل أنماطا سلوكية معينة كالشجاعة والصبر وتعمل الأسرة على تعليمها للطفل عن طريق السلوك النموذجي للأبوين والطفل يقلد هذا السلوك عن طريق الملاحظة أو عن طريق التلقين المستمر أو عن طريق عرض الأحداث، واللغة السليمة التي هي أداة اتصال بين الأفراد فهي أول شيء يبدأ الطفل في تعلمه من أبويه والتي تسمح له بالاتصال والتفاهم مع أفراد محيطه وتلبية حاجاته النفسية، فالتنشئة الاجتماعية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل إلى جيل، وبذلك تكون عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعامل الاجتماعي بين الأفراد كالصدق والتعاون والتكافل، فهي تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد، فعن طريقها تتعلم الأجيال الجديدة الحقوق والواجبات داخل المجتمع فتحقق عن طريق اختيار العناصر الصالحة والتي تؤدي إلى رقي الفرد والمجتمع، ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات.فإن الحياة بدون هدف لا قيمة لها والهدف ما لم يكن ساميا وكبيرا يظل نائيا وبعيدا، فإن أصول التربية وقواعدها تهدف إلى تربية الإنسان الصالح الذي يقوم برسالته على الوجه الأكمل، بحيث تجعله قادرا على التحكم في نفسه وضبط تصرفاته والحرص على احترام القيم الأخلاقية والمثل العليا التي يحيا لها ويحرص على الالتزام بها، وأن يكون خير قدوة للعمل الجاد القائم على الإصلاح والإخلاص الصادق، ويحرص على تلبية نداء الحق والخير وحماية المجتمع من عوامل الفساد والضعف والابتذال والتخلف، ويعمل على تطوير مجتمعه والدعوة إلى البناء والإصلاح والصدق مع النفس، لكي يعيش الفرد حياته على جانب من الالتزام والمسؤولية بحيث يكون صادقاً مع نفسه ومع غيره ومع عمله ومجتمعه لا يخاف إلا الله، فأفراد الأسرة هم مرآة لكل طفل لكي يرى نفسه، والأسرة بالتأكيد لها دور كبير في التنشئة الاجتماعية، ولكنها ليست الوحيدة في لعب هذا الدور، ولكن هناك الحضانة والمدرسة ووسائل الإعلام والمؤسسات المختلفة التي أخذت هذه الوظيفة من الأسرة فإن أبناء اليوم الذين هم عماد المستقبل وأمل الأمة تراهم يتهافتون على مغريات الحياة الدنيا كتهافت الفراش على النار ولم يدر بـخلده أنـها ستحرقه، إنها مغريات كثيرة إحداها القنوات الفضائية الخليعة هـذه الفتنـة العظيمة وهذه البضاعة المنتنة يتسابق عليها بعض من الأبناء الذين ساءت تربيتهم وبعدت عنهم عين المتابعة والرقابة برغبة جامحة من أجل جسد عريان أو راقصة خليعة، أو نظرة محرمة ألم يعلم هؤلاء إنه غزو الفكر والعقل واستثارة الشهوات الكامنة لينتج عنها فضيحة المجتمع المسلم باتباع أدعيائهم من الغرب وتقليدهم ويصبحون هم قادتنا بعد أن كنا نقودهم وسادتنا بعد أن كنا أسيادهم، فلن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، ولهذا اهتم الإسلام كثيرا بالتربية وحثنا على الاعتناء بالنشء والاهتمام بتربيتهم والحرص على تكوين الشخصية السوية وصياغة أفكارها وتهذيب سلوكها لتحقيق الأهداف المنشودة وإكسابها المهارات والخبرات اللازمة. ومجتمعنا اليوم يمر بتحديات تحتم عليه أن يأخذ بكل أسباب العلم والقوة والعمل، وكم في ذلك من سعادة غامرة وبهجة تامة بحيث تبدو الحياة أمام الإنسان ناصعة مليئة بالسرور والارتياح والاطمئنان والرضا، فقد أوجب التشريع الإسلامي أن تسود الأسرة التربية الدينية الصحيحة التي تغرس في النفوس العقائد السليمة الراسخة وتربيتها الأبناء في جو من الأيمان الصحيح، وهو الدعوة إلى طاعة الله والامتثال إلى أوامره واجتناب نواهيه والتحلي بمكارم الأخلاق ومراقبة الله وحده وخشيته في السر والعلن. فإن بناء الأجيال وتربيتهم أمر من الأمور المهمة في الحياة، وهذه التربية لابد أن تقوم على أساس قوي من المنهج السليم والعقيدة الصافية التي لا يخالطها أي شائبة، فلا بد من توفر المربي المتمكن والناصح الأمين والناجح المدرك لأهمية المسؤولية وعظمها، الذي يستطيع أن يصنع الأجيال وفق ما تفرضه علينا عقيدتنا ويقرره لنا ديننا، وتربية الأجيال لها عدة أطراف لا بد من أن تجتمع لتحقق هذا الهدف، وهو إخراج الجيل الفريد. فالدين الإسلامي لم ترتفع على بقاع المعمورة رايته، وتعلو بين الأمم كلمته ويمتد على الأرض سلطانه وتنتشر في العالمين دعوته؛ إلا على يد هذه العصبة المؤمنة من الشباب الذين تربوا بين أحضان مدرسة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورضعوا من لبنها الصافي واستقوا من مناهلها العذبة فرقت قلوبهم وقويت شوكتهم وصفت نفوسهم، فحين تربي الأسرة طفلها فإنها تشكل اتجاهاته وميولاته وفق معايير معينة تقوم على أسس الدين ومنهج القرآن الكريم وسيرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لتعينهم على تكوين النظرة السليمة للحياة.