13 أكتوبر 2025

تسجيل

معارضات البارودي

27 فبراير 2014

* ومن القصائد التي عارضها محمود سامي البارودي قصيدة النابغة الذبياني التي قال فيها: أمِنَ آلٍ "ميّة" رائحٌ، أو مُغتدِعجلانَ، ذا زادٍ، وغيرَ مُزَوّدِأفِدَ التّرَحّلُ، غير أنّ ركابنالمّا تَزُلْ برحالنا، وكأن قَدِزعمَ البوارحُ أنّ رحلتنا، غدًاوبذاكَ خَبّرنا الغُدافُ الأسَودلا مرحبًا بغدٍ، ولا أهلاً بهإن كان تفريقُ الأحبّةِ في غدِ * فعارض هذه القصيدة البارودي بقصيدة قال فيها:ظنَّ الظنونَ فباتَ غيرَ موسَّدحَيْرَانَ يَكْلأُ مُسْتَنِيرَ الْفَرْقَدِتُلْوِي بِهِ الذُّكُرَاتُ حَتَّى إِنَّهُلَيَظَلُّ مُلْقى ً بَيْنَ أَيْدِي الْعُوَّدِطَوْراً يَهُمُّ بِأَن يَزِلَّ بِنَفْسِهِ سَرَفاً، وتاراتٍ يَمِيلُ عَلَى الْيَدِفكأنَّما افترستْ بطائرِ حلمهِ مشمولةٌ أوساغَ سُمَّ الأسودِقالوا غداً يومَ الرَّحيل، ومن لهمخوفَ التفرُقِ أن أعيشَ إلى غدِ؟هى مهجة ٌ ذهبَ الهوى بشغافِهامَعْمُودَةٌ، إِنْ لَمْ تَمُتْ فَكَأَنْ قَدِيأَهلَ ذا البيتِ الرفيعِ منارهُأدْعُوكُمُ يا قومُ دعوة َ مقصَدإِنِّي فَقَدْتُ الْيَوْمَ بَيْنَ بُيُوتِكُمْ عَقْلِي، فَرُدُّوهُ عَلَيَّ لأَهْتَدِيأو فاستقيدونى ببعضِ قَيَانكُمْحَتَّى ترُدَّ إِليَّ نَفْسِي، أَوْ تَدِيبَلْ يا أَخَا السَّيْفِ الطَّوِيلِ نِجَادُهُإن أنتَ لم تحمِ النَّزيلَ فأغمدِهَذِي لِحَاظُ الْغِيدِ بَيْنَ شِعَابِكُمْفَتَكَتْ بنَا خَلْساً بِغَيْرِ مُهَنَّدِمِنْ كُلِّ نَاعِمَة ِ الصِّبَا بَدَوِيَّةٍرَيَّا الشَّبابِ سَلِيمَةِ الْمُتَجَرَّدِهيفاءَ إن خطرَتْ سبَتْ، وإذا رنَتْسَلَبَتْ فُؤَادَ الْعَابِدِ الْمُتَشَدِّدِيخفضنَ من أبصارهنَّ تختُّلاًلِلنَّفْسِ، فِعْلَ الْقَانتَاتِ الْعُبَّدِفَإِذَا أَصَبْنَ أَخَا الشَّبَابِ سَلَبْنَهُ ورمَينَ مهجتهُ بطرفٍ أصيدِوإذا لمحنَ أَخا المشيبِ قلينَهُوسترنَ ضاحيةِ المحاسنِ باليدِفَلَئِنْ غَدَوْتُ دَرِيئَة ً لعُيُونِهَافلقد أفلُّ زعارة َالمتمردولقدْ شهدتُ الحربَ فى إبَّانها وَلَبِئْسَ رَاعِي الْحَيِّ إِنْ لَمْ أَشْهَدِتتقصَّفُ المرَّانَ في حجَراتهاويعودُ فيها السيفُ مثلَ الأَدرَدعصَفت بها ريحُ الرَّدى، فتدفَّقتبِدَمِ الْفَوَارِسِ كَالأَتِيِّ الْمُزْبِدِما زِلْتُ أَطْعَنُ بَيْنَها حَتَّى انْثَنَتْ عَنْ مِثْلِ حَاشِيَةِ الرِّدَاءِ الْمُجْسَدِولقد هبطتُ الغيثَ يلمعُ نورهُفي كلِّ وضَّاحِ الأّسرَّةِِ أغيدتجرى بهِ الآرامُ بينَ مناهلٍطَابَتْ مَوَارِدُهَا، وَظِلٍّ أَبْرَدِبمضمَّرٍ أرنٍ كأنَّ سراتهُ بَعْدَ الْحَمِيمِ سَبِيكَةٌ مِنْ عَسْجَدِخَلصَتْ لَهُ الْيُمْنَى، وَعَمَّ ثلاثَةًمنهُ البياضُ إلى وظيفٍ أجردِفكأنما انتزعَ الأصيلَ رداءهُسَلَباً، وَخَاضَ مِنَ الضُّحَى في مَوْرِدِزَجِلٌ يُرَدِّدُ فِي اللَّهَاة ِ صَهِيلَهُرَفْعاً كَزَمْزَمَة ِ الْحَبِيِّ الْمُرْعِدِمتلفتاً عن جانبيهِ، يهزهُمرحُ الصِّبا كالشاربِ المتغرِّدِفإذا ثنيتَ لهُ العنانَ وجدتهُيَمْطُو كَسِيدِ الرَّدْهَةِ الْمُتَوَرِّدِوإذا أطعتَ لهُ العنانَ رأيتهُيَطْوِي الْمَهَامِهَ فَدْفَداً فِي فَدْفَدِيكفيكَ منهُ إذا أحسَّ بنبأةٍشدٌّ كمعمعة ِ الأَباءِ الموقدِصلبُ السنابكِ لا يمرُ بجلمدٍفي الشَّدِّ إلاَّ رضَّ فيهِ بجلمدِنِعْمَ الْعَتَادُ إِذَا الشِّفَاهُ تَقَلَّصَتْيومَ الكريهةِ في العجاجِ الأربدِولقدْ شربتُ الخمرَ بينَ غطارفٍشُمِّ الْمَعَاطِسِ كَالْغُصُونِ الْمُيَّدِيَتَلاَعَبُونَ عَلَى الْكُئُوسِ إِذا جَرَتْلَعِباً يَرُوحُ الْجِدُّ فِيهِ وَيَغْتَدِيلاَ يَنْطِقُونَ بِغَيْرِ ما أَمَرَ الْهَوَىفكلامهُم كالروض مصقولٌ ندىمن كلِّ وضَّاحِ الجبينِ كأنَّهُقَمَرٌ تَوَسَّطَ جُنْحَ لَيْلٍ أَسْوَدِبَلْ رُبَّ غَانِيَةٍٍ طَرَقْتُ خِبَاءَهَاوالنجمُ يطرفُ عن لواحظِ أرمدِقَالَتْ وَقَدْ نَظَرَتْ إِلَيَّ: فَضَحْتَنِيفَارْجِعْ لِشَأْنِكَ فَالرِّجالُ بِمَرْصَدِفمسحتها حتَّى اطمأنَّ فؤادها وَنَفَيْتُ رَوْعَتَهَا بِرَأْيٍ مُحْصَدِوَخَرَجْتُ أَخْتَرِقُ الصُّفُوفَ مِنَ الْعِدَا متلثِّماً والسيفُ يلمعُ في يدىفَلَنِعْمَ ذَاكَ الْعَيْشُ لَوْ لَمْ يَنْقَضِ وَلَنِعْمَ هَذَا الْعَيْشُ إِنْ لَمْ يَنْفَدِيرجو الفتى في الدهر طولَ حياتهِونَعِيمِهِ، والْمَرْءُ غَيْرُ مُخَلَّدِوسلامتكم...