الحوار المفقود

ان الحوار مع الاخرين يتطلب رقياً يكاد ان ينعدم من حياتنا اليوم، وكلنا نعلم ان الحوار ينقسم الى طبقات، اولاً احترام المحاورين (وهي تعتبر القمة)، حيث يبدأ الحديث من (القاع ثم يندرج بالوسط وينتهي بالقمة)، فإن وجدت لفت الانتباه من القاع والانصات في الوسط نلت الاحترام والتقدير عند وصولك القمة. الكثيرون يفتقدون (قلوب) المتحاورين ويحطمونها حتى تكاد ان تتطاير منها شظايا النيران وذلك بالقاء الكلمات الجارحة، والاستهزاء بهم، ومنهم من يقوم بتوصيل رسالته باستخدام اسلوبه العفوي ولكن المستمع يجد فيه (نغزات) ويظن انه المتحدث يقصده ويشير اليه بطريقه غير مباشرة، واكثر الاحيان نحتاج ان نضع قلوبنا خارج محيط الحوار لاننا نحتاج للعقل اكثر من القلب حين ذاك. يجب ألا نتحدث في امور لا تعني شيئاً حتى لا نهدر وقت المتحاور معه، بل يجب ان نتبع بعض الاساسيات قبل اعلان الحوار، ونقوم بتجهيز (الموضوع - الاهداف - النتائج)، فعند اختيار الموضوع يجب ان يكون جاداً ويمس مجتمعنا بل ويستحق النقاش، ونشعر ان الموجودين يشاركوننا ويتشجعون لمثل هذه المواضيع لاهميتها الجمة، ويجب تحضير بعض الامثلة على ذلك مما له الان أثره الكبير في الموضوع، وقد يكون المثال هو ما يجعل المتحاورين يركزون في لب الحوار والموضوع، فمثلاً (الحديث عن الزواج او المخدارات او السرعة الجنونية التي سببت في موت شباب الوطن)، مع الاتيان بأمثلة من واقع حياتنا لا خيالية، هنا نجد المشاركة الفعالة من المتحاورين، ولا سيما ان كانت هناك اوراق توزع في نهاية الحوار ليبدوا اراءهم نحو ما طرح. عزيزي المتحاور ان تحدثت عن موت الشباب والسرعة بالسيارات: ابتعد بعداً تاماً عن تذكير من فقد ابنه في حادث، واللعب بجرحه الذي لن يمسحه الزمان مهما كان، بل بقدرتك على مواساته بطريقة تجعله يحترمك اكثر، باختصار حاول قدر الامكان ان تحترم مشاعر هذا الشخص فجراحه مازالت بحاجة (لضمادات)، ثم تناول الاهداف من الموضوع فإن كانت ايجابية وضح الاسباب، وان كانت سلبية حاول الاخذ والعطاء مع المتحاورين، ثم قم بايجاد الطرق السليمه للوصول لنتائج طيبة. أخيراً: يجب أن تتوقع قليلاً من الامور التي لا تخطر على (بالك) حتى لا تنصدم كثيراً، وكلما كنت راقياً بحوارك تكسب الناس لجوارك، ويجب ان تغض بصرك عن عيوب غيرك متذكراً ان الكمال لله تعالى، وابتعد قدر الامكان الخروج عن حدود الادب حتى لا تفقد اهميتك بين الناس، ويجب ان تحدد مستواك الفكري والعقلي (باسلوبك) وباختيار لكلماتك.