19 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); مشهد قوافل النازحين من حلب ، بعد الاتفاق الأخير لوقف إطلاق النار ، والذي يقضي بخروج الجيش الحر والأهالي من المدينة ، أصاب قلوب الصادقين بالألم والحسرة ، على الحال التي آلت إليها الأمور ، واضطرار أهل حلب إلى مغادرة المكان الذي كان فيه مربى صباهم ، وذكريات سنينهم ، إلى مغادرة أرضهم التي ألفوها ، ومساكنهم التي عمّروها .إن ألم فراق الأوطان ليس بالأمر السهل أو اليسير ،عبّر عنه الرسول صلى الله عليه وسلم قبل خروجه من مكة مهاجراً إلى المدينة بقوله " والله إنك لأحب البلاد إليّ ، ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " .لقد نزح أهل حلب من المدينة بعد معاناة استمرت لأكثر من ٤ سنوات ، استخدم فيها النظام السوري المجرم وأعوانه الروس ، وحلفاؤه من إيران وحزب الشيطان ، كل الأسلحة الفتاكة ، حتى المحرمة دوليا ، كالعنقودية والكيماوية ، والفسفورية ، وهو أمر لم يتحمله الأهالي والمقاتلون ، فلقد فاق قدرتهم وطاقتهم ، وخاصة بعد تدمير المستشفيات .ومع حرمان الجيش الحر من الحصول على الأسلحة المضادة للطائرات والتي كانت ستحدّ من قوة سلاح طيران النظام وأعوانه ، أصبح من العبث الاستمرار في المواجهة ، وهو ما دفع المقاتلين إلى القبول باتفاقية وقف إطلاق النار والخروج من المدينة مع الأهالي .إن مما يمكن أن نواسي به أشقاءنا الحلبيين ، هو أن نُذَكّرهم بما تعرض له أصحاب الرسول عليه الصلاة والسلام في مكة ، من تعذيب وتنكيل ، حمل بعضهم - خباب بن الأرت - إلى أن يأتي إلى رسول الله ، يطلبه التضرع إلى الله تعالى كي يخلّصهم مما هم فيه من العذاب .ولعل التعذيب الذي تعرض له بلال بن رباح وآل ياسر ، وقصة حصار الرسول وأصحابه في شعب أبي طالب لمدة ٣ سنوات أكل فيها الصحابة أوراق الشجر من الجوع ، خير شاهد على الحال التي وصلوا إليها .نقول لأهل حلب ولكل من أصابهم الابتلاء في مصر وفلسطين والعراق وبورما ، تذكروا قول الله تعالى " ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين " .لقد هاجر الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة من مكة فرارا بدينهم ، لكنهم رجعوا إليها فاتحين بعد ٨ سنوات ، وقام الرسول عليه الصلاة والسلام بتكسير الأصنام التي حولها .وسيعود أهل حلب إلى مدينتهم بإذن الله ، إن عاجلاً أو آجلاً ، لأن دوام الحال من المُحال " وتلك الأيام نداولها بين الناس " وسيقومون بتحطيم أصنام الحجر والبشر ، وسيردّدون ما ردّده الرسول عليه الصلاة والسلام يوم الفتح " قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا " .لقد هاجر الصحابة رضوان الله تعالى عليهم من مكة ، ووجدوا أعظم المواساة والعون من إخوانهم الأنصار في المدينة ، الذين قاسموهم دورهم وأموالهم .واليوم هاجر أهل حلب من مدينتهم بعد أن بلغ السيل الزُبى ، خرجوا في البرد الشديد ، يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، وينتظرون من يناصرهم ويخفف من معاناتهم . فمن سيكون لهم مثل الأنصار ؟