11 سبتمبر 2025
تسجيلأصابتها الجروح.تكالبت عليها السيوف والخناجر. حاصرها الجند. وانتشر العسس بميادينها وطرقاتها لكنها لن يخفت صوتها لن تتحول إلى هشيم وحطام فهي انطلقت في الخامس والعشرين من يناير لتبقى ليولد الوطن معها من جديد جريحة هي تصرخ تئن تتوجع من امتطى ظهرها قبض بالسيف ليوغره في صدرها. تهافتت عليها الجموع من السجون والقصور والبروج المشيدة سعيا لمحاصرتها بل وإجهاضها أقاموا حولها الجدران وفي ميدانها الأكبر صنعوا "الحواجز الكئيبة" ومع ذلك هي ماضية في سبيلها. تحمل صيرورتها في هؤلاء الفتية المنتشرين كاللؤلؤ والمرجان في الأنحاء. يقبضون على جمرها. يشعلون جذوتها يدفعون عنها "الزبد فيذهب جفاء " ليبقى "ما ينفع الناس فيمكث في الأرض" قتلوهم . فرضوا عليهم تميمة الدم تطاردهم في خيامهم ووقفاتهم وأرضهم الطاهرة حاولوا بسط مفرداتهم عليم لكنهم – أي فتية الثورة – صبروا وثابروا وكابدوا وقاوموا لم يرفعوا الراية البيضاء لمن يسممون الأجواء بالغازات والمولوتوف والرصاص الحي والسحل في بعض الأحيان لحرائر من المحروسة جئن ليغنين للثورة وللوطن أقسموا بأغلظ الأيمان أنهم لن يوجهوا طلقة. لن يطلقوا رصاصة لن يريقوا دما فجاءت حشود ترتدي الخوذات والدروع منزوعة من قلوبها الحكمة من كل صوب وحدب تزرع الفزع في الميدان والشوارع المحيطة تطارد الفتيان والحرائر تقض مضاجع الآمنين فتسيل دماء وتزهق أرواح ويكتب الوطن نهاية قصة السكينة مع الجند وبداية رواية الدم المتدفق في أنحائه القلب يتساءل: هي ثورة وثوار أم عدو؟ هي رحم للوطن ليولد من جديد أم حالة عبثية يرسم قسماتها القابضون على مفاصله لفترة وجيزة؟ هي دعوة للحلم أم رحلة للموت والفقد والثكل؟ هي جسارة من أجل استعادة الكرامة الغائبة والعيش المنهوب والحرية المجهضة أم استسلام لمن يريدون إبقاء المحروسة في غياهب السجون وظلمة الزنازين؟ ليس طاهرا من يقتل ثائرا أو ينتهك طهر حرة هي ثورة رغم كل القتلة وحاملي الخوذات والدروع المرعبة هي عناق أبدي مع المحروسة فجر لن توقفه عتمة واردة من هنا أو هناك لن تحجز عنه الضوء فئة "العباسية " أو سجناء طرة أو المقيمون بالمصحات الفندقية أو أصحاب اليخوت والخزانات الزاخرة بالجواهر والدولارات أو القابعون في المكاتب الرسمية خسئت نواياهم وأفعالهم وأجنداتهم هي ثورة انبثقت من رحم المقهورين والمعذبين والصابرين والمجروحين والحالمين والعاشقين والمكبلين والذين داستهم أقدام العسس والبصاصين وكتبة التقارير الوهمية وباعة الوطن: أرضا وشركات وثروات وأمنا هي بدأت وستمتد لتحيي الموات لن يقهرها رصاص حي أو مطاطي أو زجاجة مولوتوف يلقيها صبي أو مندس سابق التجهيز لن يفقأ أعينها قناص تمادى في غوايته سعيا لصعود مهني أو استجابة لأوامر عليا لن يوقف تقدمها رجل أعمال كاره لما حملته من أشواق كبرى لن تغلق في وجهها حدائق فتحت لها بعد أن توارت منها الأشواك وتهيأت للنرجس والياسمين والزنابق لن تغيب شموسها عن وطن كان يترقب طلوعها ويناديها متوسلا قيامتها لينهض من زمن الطاغوت والجبروت والقهر الأعمى والجوع الذي يغطي الأرجاء قامت لتعيد البهجة المسافرة لتغزل الحنطة المتيبسة وتعيد البهاء للنيل كان النيل حزينا يقرأ دوما في ورد الأحزان يوجعه السطو على ضفافه يؤرقه الزيف والبهتان يصرخ: أين العشاق. أين الفل وشراب الحمص؟ بدلا من الكهنة ورجال السلطان من جاءوا وصبوا بقاياهم في أطهر أنهار الأرض أحالوه إلى مستنقع فتوارت بهجته عن الأفنان هي ثورة مصنوعة من رحيق أوجاعنا فهل نسمح الآن بمن يقهرها ويعيد المحروسة إلى سيرتها الأولى فيأتي من يمارس فينا شبقه للسلطة والثروة والانحناء لبني صهيون والعم سام؟ أو يقلب موازين العدل منتصرا لسارقي الفرح أو يدخلنا غياهب الجب فيسطو علينا أبناء السبيل لنواصل رقادنا في المقابر والطرقات وننجب أطفالنا في الهواء الطلق وندعو لناهبي طعامنا بالرفاه والبنين ونكتب لهم قصائد المديح ونناديهم في صباحاتنا ومساءاتنا ليبتسموا لنا ويمنحونا علاوة دورية لا تسمن من جوع هي ثورة غير قابلة للاحتواء عصية على الاختناق يسيرة لمن يمتطي صهوة جوادها ويرفع بيادق الحرية وينحاز للفقراء هي حلمنا الذي غزلناه بأيدينا نسجنا أناشيده لتتوغل فينا فتعيد إلينا براءتنا القديمة منحوتة أبداً بقلب المحروسة لتروي صباياها وحرائرها من صبابة الأرض ومن فيض العشق والمطر السطر الأخير: هما سحر أم فيض ألق فيهما يسكن السندس ورحيق مغزول بأهدابهما منهما يتساقط الحنو رطبا يروي ظمأ الروح لانبثاق الفلق مكتوب بألواحهما مقاديري تصوغان بوجدي أقمارا أمتع قلبي ببهائهما هما رحيل. سفر أبدي لمحجوب متناه في السكينة وإشراق يذوب في ملكوت من خلق ××× تطل منهما الأنهار وعشق صامت يتورد بالأسفار وحنطة الحقول تزهر من سواحلهما تنسكب في الأحداق تراتيلا موسيقى فجر استيقظ يعانق الفرات والنيل تصب حروفها بأبجدية الكتابة فتصنع رمانا وزيتونا ونخيلا هما فتنتي في الغياب بهجتي في الحضور صيرورتي في الإقامة زادي عندما أشرع الرحيل ××× هما نهران من ياقوت وعنبر في فضائهما يتوهج العسجد يبحر عشقي يتمدد لاينتابني وجع أو يتفجر