12 سبتمبر 2025

تسجيل

توجهات خليجية مستجدة للطاقة

26 ديسمبر 2010

تكتسب التوجهات الخليجية الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة يوما بعد يوم مضامين جديدة من خلال عملية التنويع ذاتها من جهة ومن خلال تطوير علاقات الشراكة مع البلدان والمؤسسات المالكة للتقنيات الحديثة الخاصة بإنتاج الطاقة من جهة أخرى. وبالإضافة إلى التوجهات الخاصة بتوليد مصادر الطاقة النووية والشمسية، فإن هناك توجها جديدا لإضافة إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه باستخدام الفحم الحجري، وهو توجه جديد لم تعهده دول المجلس من قبل، وذلك رغم أسبقية استخدام الفحم الحجري في توليد الطاقة الكهربائية، إلا أن بداية إنتاج الكهرباء في دول مجلس التعاون تزامن مع إنتاج النفط، حيث اعتمدت هذه البلدان على الديزل ومن ثم الغاز الطبيعي في إنتاج الطاقة الكهربائية. لقد تم الاعتماد بصورة شبه تامة على التكنولوجيا المستوردة لإنتاج الطاقة في دول الخليج خلال الثمانين عاما الماضية، إلا أن المساعي الحالية الرامية إلى تنويع مصادر الطاقة تحمل مضامين جديدة ومهمة ليس لاستيراد التكنولوجيا فحسب، وإنما للمشاركة الفعلية في امتلاك هذه التكنولوجيا وتوطينها في دول المجلس وتطويرها في المستقبل. وإذا ما أخذنا الاتفاقيات التي وقعتها بعض دول المجلس لإقامة محطات للطاقة النووية، فإن هناك توجهات مهمة سبقت أو أعقبت توقيع مثل هذه الاتفاقيات تمثلت في سعي دول الخليج للمشاركة في رؤوس أموال الشركات المالكة للتقنيات النووية، مما يتيح المجال لها لتحقيق مكاسب كبيرة من خلال وجودها في مجالس إدارات هذه الشركات. وفي هذا الصدد تسعى دولة الإمارات إلى شراء حصة في شركات الطاقة النووية الكورية الجنوبية والتي وقعت معها اتفاقيات لإقامة العديد من محطات الطاقة النووية المخصصة للأغراض السلمية وبالتنسيق مع وكالة الطاقة الذرية. وضمن هذا الاتجاه أعلنت دولة قطر عن استعدادها للانضمام إلى مجموعة "أريفا" النووية الفرنسية في حالة زيادة رأسمالها، حيث سبق لدولة الكويت أن وافقت على المشاركة بمبلغ 600 مليون "يورو" وهو ما يشكل ثلثي مبلغ زيادة رأس المال للمجموعة الفرنسية والتي تتنوع أعمالها ما بين استخراج اليورانيوم وبناء المفاعلات النووية وإنتاج الطاقة. ومع أن هذه لمساهمة تعتبر متواضعة، مقارنة بحجم أصول هذه الشركات العملاقة، إلا أنها تعتبر في الوقت نفسه البداية الصحيحة لإقامة علاقة شراكة سوف تفتح مجالات واسعة أمام دول مجلس التعاون للدخول في عالم التقنيات الحديثة الخاصة بإنتاج الطاقة لتلبية احتياجاتها المتزايدة. وسوف تتيح هذه المساهمات القيام بعمليات استحواذ كبيرة في المستقبل لزيادة الفعالية الخليجية في اتخاذ القرارات الخاصة بمستقبل الطاقة المتجددة في العالم، خصوصا أن دول المجلس تملك القدرات المالية اللازمة بفضل ارتفاع أسعار النفط لزيادة مساهماتها في الشركات الخاصة بإنتاج الطاقة النووية والشمسية في العالم. وبجانب ذلك، فإنه من المهم ألا تقتصر المساهمات الخليجية على الجوانب المالية فحسب، وإنما أن يتزامن ذلك مع المشاركة في تحديد السياسات والتوجهات المستقبلية لهذه الشركات وبما يخدم السياسات التنموية لدول المجلس، بما في ذلك نقل وتوطين التقنيات الحديثة وتبادل المعلومات، على أن تتضمن عملية توطين التكنولوجيا إعداد المؤهلات الخليجية القادرة ليس على إدارة المنشآت النووية الحديثة فحسب، وإنما على تطويرها من خلال البحث والابتكار والبعثات الدراسية وإقامة معاهد متخصصة في دول المجلس لدراسة علوم الطاقة وتطبيقاتها. ويبدو أن دول مجلس التعاون عازمة على إدراج هذه القضايا ضمن اتفاقيات المشاركة، حيث أشار سعادة رئيس الوزراء الشيخ حمد بن جبر بن جاسم آل ثاني أثناء حديثه عن عزم قطر الانضمام إلى مجموعة "أريفا" بأن ذلك "سوف يتم مع الأخذ بعين الاعتبار متطلبات قطر والتي تم إبلاغها للشركة الفرنسية ". ومن جديد، فإن التنسيق بين دول المجلس في هذا الجانب يعتبر مسألة أساسية، وذلك رغم تعدد وتفاوت المساهمات أو الاستحواذات بين دول المجلس، إذ أن إقامة مركز أو معهد خليجي كبير لتقنيات الطاقة النووية أو الشمسية سوف يكون أكثر جدوى وفعالية من إقامة مراكز صغيرة وتفتقد للقدرات والإمكانات اللازمة لتحويلها إلى مراكز بحث وابتكار وتطوير لمصادر الطاقة المتجددة والتي ستحدد الكثير من التوجهات التنموية في العالم في الربع الثاني من القرن الحالي.