هدنة متأخرة أفضل من حرب مستمرة

أخيراً وبعد نحو شهر وقّع المتحاربون الإسرائيليون والفلسطينيون هدنة إنسانية متفق عليها بتوسط من قطر وجمهورية مصر. ونصت الاتفاقية على إطلاق سراح خمسين رهينة من النساء والأطفال على دفعات من جانب حماس مقابل إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في سجون إسرائيل من النساء والأطفال أيضاً. وتم تفسير الدفعات بأنها حافز مشجع لوقف القتال لفترة أطول، إذ جاء في بيان للحكومة الإسرائيلية «إن إطلاق سراح كل 10 رهائن إضافيين سيضيف يوماً آخر لوقف القتال. وستكون مصر وقطر الضامنتين لالتزام حماس، بينما تكون الولايات المتحدة الضامن لالتزام إسرائيل». ومن المهم في هذا الصدد ما شدد عليه وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية، الذي أوضح أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر ستعمل على تسهيل الإفراج عن الرهائن. وهناك تأكيد عربي على ضرورة البناء على الهدنة الإنسانية وصولاً الى وقف كامل ومستدام لإطلاق النار في أسرع وقت. طبعاً لا يمكن إغماض العين عن تباطؤ أو تجاوز الموقف هنا أو هناك، إلا أن مسؤولية قطر ومصر والولايات المتحدة الأميركية تستدعي أن تُرفع الى أقصى حدودها لأن الأسرى وبينهم أطفال لابد من إطلاق سراحهم وعودتهم الى أهاليهم بالسرعة الممكنة حسب الصيغ القانونية والإنسانية المتبعة. والطرفان لديهما قوائم بأسماء الأسرى وبينهم جنسيات أخرى، وتنص الهدنة على إطلاق سراحهم خلال أربعة أيام فقط. والتحليل الرقمي الذي أجرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية يشير الى أن 90 في المائة من الأسرى الفلسطينيين الـ 300 الذي قالت إسرائيل إنها ستطلق سراحهم يبلغون من العمر 18 عاماً أو أقل! والأعجب أن بين الأسرى الفلسطينيين فتاة عمرها 15 عاماً وهي لم تعتقل في هذا الشهر وإنما في عام 2021 من داخل مدرستها، واسمها نفوذ حماد ووجهت لها النيابة العامة الإسرائيلية تهمة محاولة «قتل مستوطنة» وحكمت عليها المحكمة بالسجن لمدة 12 عاماً. وتم توجيه اتهامات مختلفة لأكثر من 100 فتاة من بينها: الشروع في القتل، ودعم الإرهاب، والتخريب المتعمد، وحيازة متفجرات، وإلقاء الحجارة ضد الإسرائيليين. طبعاً من التجارب السابقة ليس غريباً أن نسمع أن أكثر من عشرين مواطناً فلسطينياً قتلوا يوم الخميس الماضي وأصيب آخرون في قصف إسرائيلي جوي في قطاع غزّة بينهم ثلاثة أطفال قتلوا في رفح جنوب قطاع غزّة. خروج إسرائيل عن النص في أي اتفاقيات سابقة ليست غريبة، لكننا نتمنى أن تمضي هذه الهدنة بسلام بعد أن فعلت إسرائيل ما فعلت طوال أسابيع دامية ومرعبة ومدمرة.