11 أكتوبر 2025

تسجيل

عن الموهوبين والموهومين

26 نوفمبر 2019

لن أعتذر لأن مقالي هنا يوم الثلاثاء الماضي قام بتعداد الجوائز والإنجازات التي حققها الإسرائيليون واليهود على مدى سبعين سنة مقابل حضور هزيل أو معدوم للعرب في محافل العلوم التطبيقية والنظرية والمخترعات، وتفاديا لإتلاف أعصابكم، فإنني سأتناول اليوم جانبا من سيرة شخصية ليست يهودية: اسمه مايكل كيفن كيرني، وهو من مواليد عام 1984، وكان قد لفت انتباه العالم لكونه أول من فاز بمليون دولار في مسابقة البحث عن الذهب التي كان موقع أمريكا أونلاين يقدمها، وكان عمره وقتها 22 سنة، وبعدها بعامين أي في عام 2008 فاز مرة أخرى بجائزة برنامج «هوو وونتس تو بي أ مليونير»، الذي تقدم قناة إم بي سي النسخة العربية منه «من سيربح المليون»، الذي جعل مقدمه جورج قرداحي يحسب انه صار نجما وطرح عطرا رجاليا يحمل اسمه وبارت بضاعته لأنه لم يجد من يشتريها، ولكن ملايين الناس عرفوا كيرني قبلها بسنوات عندما حصل على بكالوريوس في الجيولوجيا وعمره 10 سنوات وبعدها بعامين على الماجستير في الأنثروبولوجي (علم الأجناس/ الأنساب) وصار أستاذا جامعيا وعمره 17 سنة كان كيرني قادرا على قول مفردات مثل ماما وبابا و»ووتر/ ماء» وعمره أربعة أشهر، وذات مرة اصطحبته أمه إلى الطبيب وكان عمره وقتها ستة أشهر، وفوجئت به يقول للطبيب: عندي التهاب في أذني اليمنى، فأصيب الطبيب بالتهاب في قواه العقلية من فرط الدهشة، وعندما أكمل أربع سنوات اجتاز امتحان الرياضيات الخاص بالقبول في جامعة جونز هوبكنز التي لا يدخلها إلا ذوي البأس الأكاديمي الشديد، وبالتأكيد فإن مثل هذا النبوغ هبة إلهية، ولكن لو كان كيرني من بلد عربي وتكلم بفصاحة وعمره 6 أشهر فغالب الظن عندي هو أن أهله كانوا سيعتقدون أن به مسا شيطانيا، ويعرضونه على كتيبة من المطاوعة و»المشايخ» ليخرقوا طبلة أذنه بمفردات من نوع: شخرم بخرم شلضم ابن طنكوش الفنكوش أبو شاكوش، وربما شاع أمره في بلده واعتبره الناس من أصحاب الكرامات والبركات وهرعوا ليتمسحوا به لنيل العافية أو المال أو العريس حتى يصاب المسكين بلوثة عقلية، كما حدث عندما بدأ تيس في الضفة الغربية المحتلة (المختلة) يدر الحليب فصار «مبروكا» وباع صاحبه رشفة الحليب الواحدة بكذا دولار، للجماهير التي توافدت على التيس طالبة البركة، ومات التيس ابن المعزة لأنه وكما اكتشف طبيب بيطري كان مصابا بسرطان الخصية مما يعني أن الناس شربوا صديدا متسرطنا (يييع). أرجح أنه لو كان هناك طفل عربي يتكلم وعمره 4 أو 6 أشهر، فإن مختلف المعجزات والكرامات كانت ستنسب إليه، فيتحول إلى منجم ذهب لأهله، بعد أن يضعوا تسعيرة للتمسح به، وبالطبع ما كان سيجد الفرصة لدخول جامعة جونز هوبكنز أو حتى الجامعة العربية التعيسة؛ ولا بأس من التذكير للمرة العاشرة – ربما – بحكاية الطفل الإندونيسي الذي تكلم قبل أن يكمل عامه الأول فتدفق الملايين على بيت أهله طلبا للشفاء، وكم كانت سعادتهم كلما قال كلاما مثل: جارتك أم شعر بني سحرتك وسأبطل السحر ذاك فورا: شيكا بمبم شيكا تاتا؛ وسار كل شيء على مرام وصارت للرضيع سكرتارية وأمناء خزائن يتحصلون رسوم العلاج، إلى أن زار الطفل ذات مرة صحفي «نحس»، دفع 4 أضعاف الرسوم المقررة وجلس أمام الطفل يشكو من عدة علل، ولما طالت الجلسة صار صوت الطفل بطيئا وبه شخشخة، المهم اتضح أن أهل الطفل كانوا يضعون تحت وسادته جهاز تسجيل فيه عبارات الشعوذة المعتادة بصوت طفولي ولأن الصحفي «الخبيث» كان أصلا يشك في الأمر فقد أطال الكلام حتى ضعفت بطارية المسجل وانكشفت اللعبة وحدثني من كان يحسب نفسه فاعل خير عن بقرة مبروكة في إندونيسيا أيضا تعالج معظم الأمراض بلحسة / لعقة من لسانها، وتابعت أخبار تلك البقرة وعلمت أن صاحبها كان يدهن لسانها بالكورتيزون فتلعق جلود المصابين ببعض الأمراض الجلدية فيحسون ببعض التحسن، ولكن ولأن الخالق يمهل ولا يهمل فقد أدى الكورتيزون إلى وفاة البقرة وهي في عز شبابها. [email protected]