29 أكتوبر 2025

تسجيل

العبادي وملف الهاشمي وأحكام الإعدام المستمرة

26 نوفمبر 2014

منذ أن جاء حيدر العبادي كبديل عن رئيس الحكومة العراقية السابق نوري المالكي الذي أوصل العراق لمرحلة الحرب الأهلية الشاملة وكرس منهج الفشل الطائفي المريع في إدارة الصراع الوطني، والآراء مختلفة ومتباينة حول المنهج الإصلاحي والتغييري الذي تعهد فيه العبادي بانتشال السفينة العراقية من الغرق والتلاشي والضياع، فالبعض يراهن على جدية العبادي في تنفيذ ما تعهد به من تغييرات، فيما حقائق الميدان باتت تعطي انطباعات واضحة بأن العبادي يتكلم أكثر مما يفعل، ويناور بأكثر مما ينفذ، ويحاول جاهدا مسك العصا من النصف والتوفيق المستحيل بين المواقف المتناقضة والمتضاربة لأطراف الصراع في العراق وهما الطرف الوطني الحر المطالب بالعدالة والسيادة وإقصاء المنهج الطائفي، والطرف الطائفي المرتبط صراحة بالمشروع الطائفي والحكومي الإيراني المحض والذي يمثل حزب حيدر العبادي (الدعوة) أحد عناصره الرئيسية في العراق ضمن التحالف الطائفي المهيمن على العملية السياسية الكسيحة، وإذا كانت الأمور تقاس بنتائجها، فإن حصيلة إنجازات حكومة العبادي حتى اليوم لا تبدو واضحة بأي شيء سوى الاستمرار على النهج السابق والتغيير في اللهجة وإطلاق الابتسامات فقط، والتعهد لدول الجوار الخليجي والعربي بإحداث نقلة متميزة في إدارة الأزمة الداخلية المستفحلة ولكن دون نتائج حتى اليوم، سوى أن كل موبقات إدارة المالكي العجفاء لم تزل على حالها وبما يعني أن (دار لقمان) لم تتغير قيد أنملة، فحتى القيادات العسكرية التي استبدلها العبادي لم تزل على حالها تدير العمليات وتمارس مهامها، وبما يعني أن قيادة الجيش العراقي باتت خارج صلاحيات العبادي رغم كونه دستوريا القائد العام للقوات المسلحة.أما أهم نقطة في برنامج التغيير الذي تعهد به العبادي والمتعلق بتصحيح أوضاع حقوق الإنسان ورد المظالم، فقد شهد انتكاسة حقيقية ومرعبة من خلال الإيغال في ممارسة إرهاب السلطة في قضية نائب الرئيس العراقي السابق الأستاذ طارق الهاشمي وهي قضية فبركها نوري المالكي لأهداف طائفية خسيسة يعلم الجميع حقيقتها، كما يعلم العبادي شخصيا بكل أبعادها وتفرعاتها ومع ذلك فإن أحكام الإعدام مستمرة، فقد صدر قبل أيام قرار الإعدام التاسع من قبل القاضي (بليغ حمدي) وهو طبعا غير الموسيقار الراحل العظيم بليغ حمدي الأصلي، ففي العراق البيئة المناسبة لنمو الجلادين وليس المبدعين للأسف.كما أن خمسة عشر من حمايات طارق الهاشمي الأبرياء لربما تنفذ فيهم أحكام الإعدام الظالمة خلال الأيام القادمة ما لم تتحرك الجهات القانونية الدولية المختصة لمنع حدوث الجريمة طائفية الأهداف، والعجيب، بل المثير للسخرية ولكل عوامل التعجب هو ترقب صدور حكم بإعدام السيدة رشا الحسيني وهي موظفة سابقة في مكتب الهاشمي، رغم كونها من الطائفة الشيعية الكريمة وأما لطفلين، كل ذنبها في نظر جحوش إيران هي مساندتها لزعيم وطني سني عراقي رافض للمنهج الطائفي في إدارة السلطة.ما ذنب السيدة رشا الحسيني وهي تعاني الاعتقال منذ ثلاثة أعوام كاملة ثم تنتظر حكم الإعدام الظالم، وهل بهذه الطريقة العجفاء والمريضة يريد العبادي التصالح مع العراقيين الأحرار السنة؟ أم أنه يعمل بجد لتكريس منهج زعيمه نوري المالكي الطائفي الحاقد؟.من يريد التغيير والانفراج الحقيقي يعرف الطريق الصحيح لذلك، وقضية طارق الهاشمي لم تعد قضية عراقية محضة، بل تحولت لقضية دولية يراقبها العالم ويتابع تطور فصولها المرعبة والابتزازية، وإعدام الأحرار لن يجلب في النهاية سوى الخسران المبين للجلادين الذين لن يفلتوا من قبضة العدالة العراقية الحقيقية، فدماء الأحرار العبيطة ليست مياها، ويوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على المظلوم، وعلى حيدر العبادي وشركاءه التعلم من دروس التاريخ القريبة قبل البعيدة، ولو دامت لغيره ما وصلت إليه.والرأي العام العربي والدولي مطالب بالتحرك الفوري لوقف المجزرة القانونية في العراق وإعادة فتح ملف محاكمة طارق الهاشمي المفبركة من جديد، بل والمطالبة بملاحقة من تسبب في المآسي التي حدثت أو التي في طريقها للحدوث والإفراج الفوري مع التعويض لجميع المتضررين، فالتغيير ليس علكة يمضغ بها المتأزمون ويتخلون عنها لاحقا، لو أراد العبادي أن يكون قائد التغيير الوطني، فهو يعرف الطريق لذلك إن صدقت النوايا فعليا، والعاقبة للأحرار والمتقين.