12 سبتمبر 2025
تسجيلالحديث عما يحدث في غزة بدأ يختلف، دعك من حديث حكام الدول المؤيدة لإسرائيل، نظرة سريعة على الشعوب في العالم تفتح باب الأمل. نرى الآن المظاهرات المؤيدة لفلسطين والمنددة بمذابح إسرائيل تستيقظ، نراها تملأ ميادين الدول الداعمة للصهيونية مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا، نرى قوات الشرطة تحاصرها وتمنعها أو تحاول، وتطارد الداعمين لفلسطين في الشوارع، وأصبح العَلَم الفلسطيني والكوفية الفلسطينية أمراً مرعباً لشرطة هذه البلاد. الحديث عن الوجه النازي لحكومات هذه البلاد أصبح عادياً الآن، لكن الوجه الآخر للشعوب بدأ يستيقظ، حتى الدور الآخر في المعركة، الدور اللعين الذي تلعبه السوشيال ميديا مثل الفيسبوك واليوتيوب وغيرهما تم فضحه، فبعيداً عما نعرفه من قيام هذه المواقع بحذف ما يدين إسرائيل، ظهرت الحقائق ونشرها موثقة نشطاء من تلك البلاد. حقائق من نوع الدعم المالي من إسرائيل لهذه المواقع، والذي بلغ سبعة ملايين دولار في الأيام السابقة، خصصت لليوتيوب وللفيسبوك وانستجرام وغيرها، ابتداء من النشر عليها حتى عمل اللايك أو الإعجاب، فلكل شيء من ذلك ثمن. الذين فعلوا ذلك يعرفون أنهم سينكشفون ولا ننتظر منهم خجلاً أو اعتذاراً، فهذه حرب في زمن مختلف تلعب فيه السوشيال ميديا دوراً كبيراً، لكن شعوب تلك البلاد هي التي تكشف هذه الحقائق، القتلة وداعموهم ينامون سعداء فهم يتقنون ما يفعلون ويؤمنون بأن هذه هي الحقيقة، يستهينون بحركة الشارع في العالم متصورين أنها ستنتهي إلى النسيان، فالمهم عندهم هو ما يتحقق على الأرض، لا يرون أنهم حتى الآن لم يحققوا على الأرض غير الدمار، فلا حماس استسلمت ولا كتائب القسام ولا أهل غزة وصور دمار غزة وقتل أطفالها ونسائها وغيرها تملأ ميادين العالم وتملأ السوشيال ميديا رغم حربها القذرة. إسرائيل ترجئ الهجوم البري وتظل تلقي القذائف من الطائرات والصواريخ تمهيداً له، وللخلاص من كل أهل غزة.. هل سيحدث ذلك؟ لن يتم الخلاص من أهل غزة مهما ارتفع عدد الشهداء، والجنود الإسرائيليون لم يتعودوا على المواجهة المباشرة التي ستحدث إذا قررت إسرائيل ذلك. إسرائيل تعرف أنه سيكلفها الكثير جداً من جنودها، إنهم غير قادرين على استيعاب ما كلفهم هجوم حماس وكتائب القسام على مستعمراتهم المحيطة بغزة، يتصورون في وحشية أنه هكذا انتهى العالم ولابد من عالم آخر. كيف حقا تقتل حماس أو غيرها أفراداً من شعب الله المختار، هكذا تفكر الدولة التي تروّج نفسها في العالم أنها ديمقراطية وحيدة في الشرق الأوسط. استيعاب أن يموت منهم ألف جندي غير الأسرى والجرحى فوق طاقة عابدي الأساطير وخرافة إسرائيل وشعب الله المختار، لكنا صرنا نرى المظاهرات في إسرائيل نفسها ضد نتنياهو مجرم الحرب الذي لن يفلت أبداً من العقاب. وفي أمريكا طائفة كبيرة من اليهود تندد بما تفعله إسرائيل ويقتحمون الكونجرس وتقبض أمريكا على المئات منهم. حكومة إسرائيل والدول الداعمة لها يرفعون شعار شعب الله المختار ويرقصون رقصة سالومي أمام هيرودس بعد ذبح النبي يحيى – يوحنا المعمدان – بعد أن ألقوا القذائف على مستشفى المعمدان وأبادوا من فيه من مرضى ولاجئين. هكذا وسط عالم تغير ومهما كانت فيه من دول ذات أنياب استعمارية فالشعوب اختلفت، وإذا كانوا يعولون على صمت بعض شعوب الدول الأخرى المقهورة بحكامها، فهذا لا يعني أن العالم كله كذلك، وإذا كانوا يعولون على النسيان، فالذاكرة تستيقظ، ذهبت سالومي وذهب هيرودس القاتل وبقي يوحنا المعمدان فهل ستبقى إسرائيل؟ متى انتصر في التاريخ قتلة الأنبياء؟.