14 سبتمبر 2025
تسجيلالتحركات السياسية والمواقف الإعلامية الدائرة في المنطقة من خلال الأطراف المتصارعة في النقاط الساخنة في الشرق خصوصا في الساحتين السورية والعراقية، ليست مجرد أقوال عبثية أو ممارسات غير مسؤولة؟، بل إنها تخضع لتقويم دقيق من خلال المرجعيات السياسية التي تعود لها، ولعل التصريحات الساخنة الأخيرة لقادة الحشد (الشيعي) العراقي حول نواياهم اللفظية المعلنة بتدمير مدن خليجية تنبئ بحجم ودرجة الضغينة والحقد التي تحملها القيادات الميدانية لذلك الحشد تجاه دول الخليج العربي؟ وليس في الأمر مفاجأة أو غرابة!! فما نطقوا به وجاهروا علنا هو منهجهم المبدئي والتكويني!، فهم في البداية والنهاية جزء مركزي من أجزاء الماكينة الحربية الإيرانية في الشرق ليس منذ هذه المرحلة التي نعيشها بل تحديدا منذ ثلاثة عقود دموية عاصفة!، فقائد الحشد الذي هو هادي العامري هو واحد من أعرق رجال مؤسسة الحرس الثوري الإيرانية ومقاتل قديم في صفوفها ويحمل رتبة عميد وهو قائد لفيلق بدر السابق التابع للمجلس الأعلى الذي أسسته إيران وكان يرتبط مباشرة من الناحية الإدارية والتنظيمية بمجلس الوزراء الإيراني طيلة سنوات الحرب القاسية ضد العراق (1980/1988) وحتى عندما عاد ضمن من عادوا بعد الاحتلال الأمريكي عام 2003 ظل ولاؤه ثابتا وأصبح ترسا من تروس الآلة الإيرانية في العراق رغم تقلده لمناصب وزارية، أما نائبه في الحشد وهو المتخصص في إطلاق التهديدات اللفظية الوقحة ضد دول الخليج فهو الإرهابي الدولي الشهير جمال جعفر (أبو مهدي المهندس) المحكوم غيابيا بالإعدام في الكويت لدوره الرئيسي في التفجيرات الإرهابية التي هزت الكويت في 1983، ثم مسؤوليته المباشرة عن محاولة اغتيال أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد في 1985، وجميع تلك الأفعال الإرهابية كانت بتدبير من قيادة الأحواز للحرس الثوري التي كانت وقتذاك بإدارة علي شمخاني! رئيس مجلس الأمن القومي الإيراني الحالي!!، عموما النوايا العدوانية للحشد لم تتضح صورتها النهائية إلا بعد الخسائر الهائلة التي تكبدها في العمليات العسكرية الدائرة في العراق ومحاولتهم إلصاق هزيمتهم بأطراف خارجية وفق دوافع ودعايات طائفية رثة يحاولون من خلالها إلهاء الجماهير وتحريفها بعيدا عن المشكلة الحقيقية، ومن جانب آخر فإن حملاتهم العدائية الموجهة ضد دول الخليج هي إشارة خضراء من أسيادهم في طهران بعد الضربات والخسائر الكبرى التي ألمت بقيادات وجنرالات الحرس الثوري الإيراني في المعارك في سوريا والتي أقضت مضاجع القيادة الإيرانية وغيرت من أولوياتها وجعلت من تعميق وتوسيع التدخل المباشر مسألة حتمية من أجل الانتقام والثأر من الثوار السوريين الذين قلبوا المعادلة العسكرية. إيران اليوم تعيش حرب استنزاف حقيقية لقدراتها وطاقاتها في ظل إدارة صراع إقليمي صعبة تحاول فرض رؤاها على موقف عربي خليجي ثابت، وزيادة مستشاريها العسكريين كما قالت في سوريا لن يعزز السلام بقدر ما يدعم جبهة العدوان الروسية/السورية/الإيرانية المشتركة، خصوصا وإن خطوط التورط الإيراني قد زادت كثيرا لتبدأ من العراق للبحر المتوسط ثم تنحرف جنوبا لليمن! وليس هنالك أفضل من الميليشيات الطائفية التي تستعملها في التخفيف من حالة الاستنزاف التي تعيشها، لقيادات ميليشيات الحشد الطائفي العراقية ثارات قديمة مع بعض من دول الخليج، واليوم في إطلاق التهديدات العبثية وغير المسؤولة ضد بعض دول الخليج فهم إنما يرسمون لأوضاعهم صورة كارثية لصراعات وملفات يريدون إحياءها سيكونون هم لا غيرهم المتضرر الأكبر منها.جبهة الصمود الخليجية بوجه التحديات الإيرانية تتطلب موقفا خليجيا موحدا وصامدا بوجه كل دعوات الشر والإرهاب المتهاوية، وعصابات الحشد التي تتوسل بالروس لفك عثرتها وتضغط على حيدر العبادي من أجل استدعاء الدب الروسي للكرم العراقي هي أضأل وأقل بكثير من أن تكسر جدار التضامن والوحدة الخليجية التي تبلورت بشكل جلي حاليا وبما يجعل من أحلام العابثين بمثابة كوابيس حقيقية عليهم! والعاقل من اتعظ بغيره، فإدارة الصراع وصورته النهائية قد حسمها الأحرار في الشرق.