12 سبتمبر 2025

تسجيل

حقائق أبو مازن وأكاذيب نيتنياهو

26 سبتمبر 2011

هل نسينا القضية الفلسطينية في ظل اشتعال ثورات الربيع العربي والتي يبدو أن قضايا الداخل المتعلقة بغياب الديمقراطية والعدالة الاجتماعية تهيمن على توجهاتها؟ ربما يكون ذلك صحيحا بل هو صحيح إلى حد كبير ومع ذلك فإنها - أي القضية الفلسطينية - ما زالت تسكن الوجدان وتقيم في الذاكرة الشعبية وتشكل واحدة من أهم محاور حركة النخب السياسية الرسمية والفكرية. ولعل ما وقع في مصر من أحدات تتصل بالسفارة الصهيونية بالقاهرة في مطلع الشهر الحالي يؤكد - رغم الطابع المحلي لما جرى - أن فلسطين في القلب. ويجسد هذه الحقيقة سقف الزخم العالي في مساندة التوجه إلى الأمم المتحدة للحصول على العضوية الكاملة للدولة الفلسطينية المستقلة والذي يشهد حاليا صراع إرادات داخل أروقة المنظمة الدولية فجميع العرب أبدوا مساندتهم للخطوة وهو ما شكل عنصر إسناد قويا للقيادة الفلسطينية وهي تتابع خطواتها في نيويورك. لقد بدا الرئيس محمود عباس – أبو مازن – محملا برصيد ضخم من القوة المعنوية وهو يقدم طلب الحصول على العضوية الكاملة للدولة القادمة إلى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون " ثم وهو يلقي خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي جاء زاخرا بالحقائق بما ينسجم مع متطلبات ومحددات الشرعية الدولية ووفقا لمحددات القانون الدولي واللافت أن حديث عباس لم يتجاوز في طرحه لجملة الحقائق المتعلقة بالصراع العربي الصهيوني الثوابت الوطنية المعروفة بل إنه لم يقدم ما يمكن اعتباره جديدا فهو أعاد إلى الأذهان مبررات لجوء القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة منطلقا من أن المفاوضات مع الكيان كادت تنهار بسبب مواقف حكومة نيتنياهو رغم أن الجانب الفلسطيني دخلها بقلب صادق وجرب خلالها كل الطرق لإنجاحها لكن الكيان ظل يلتف حولها عبر تكريس مشروعه الاستيطاني في الأراضي المحتلة إلى حد التفاخر بذلك وهو الأمر الذي يهدد بتقويض وضرب بنيان السلطة الوطنية وإنهاء وجودها وبالتالي هدم فرص حل تحقيق الدولتين. واستند أبو مازن في طروحاته إلى مواصلة استمرار الكيان في فرض سياسة الأمر الواقع على الأراضي الفلسطينية والدخول إلى المناطق الخاضعة للسلطة عبر عمليات القتل والاغتيال إضافة إلى تصاعد العمليات الإجرامية للمستوطنين بحماية استثنائية. ولم تفت أبو مازن الإشارة إلى التأكيد على حل قضية اللاجئين الفلسطينيين وفق القانون الدولي وإن كنت أختلف معه لأنه تركها من دون تحديد وكان من الأفضل أن يقول وفقا للقرار الدولي رقم 194 واستجابة للثوابت الوطنية والمطالبة بالإفراج عن الأسرى الفلسطينيين من سجون الاحتلال والتمسك بالمبادرة العربية للسلام ونبذ العنف ورفض الإرهاب خصوصا إرهاب الدولة وهنا أنقذ نسفه من تهمة وصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب وركزه على ممارسات الكيان الصهيوني التي تجاوزت كل أشكال الاحتلال على مدى التاريخ قسوة وانتهاكا لحقوق الشعب المحتل واغتيال أحلامه. إذن أبو مازن لم يقل إلا حقائق ولم يتحدث إلا الصدق معبرا عن أشواق شعب للاستقلال والتخلص من سطوة الاحتلال. أما رئيس وزراء الكيان بنيامين نيتنياهو فلم يعجبه هذا الحديث معتبرا أن ما أقدمت عليه القيادة الفلسطينية خطوة أحادية ملونا خطابه أمام الجمعية العامة بالأكاذيب والافتراءات والسطو على كل ما هو ثابت وطنيا وذلك في حد ذاته يعكس السمات الحقيقية للنخبة الحاكمة لهذا الكيان فقد حاول أن يوهم العالم أنه مد يده للشعب الفلسطيني من أجل السلام وهو ما قوبل للأسف بتصفيق من الرئيس الأمريكي باراك أوباما الذي يتأهب للدخول في معركة الترشح لفترة رئاسة ثانية وغيره من زعماء الغرب الذين يبدون لي في حالة خنوع واستسلام استثنائي للكيان وتوجهاته وهو ما تجلى في موقف الاتحاد الأوربي فضلا عن الولايات المتحدة لأي محاولة للحصول على الاعتراف الدولي والتركيز على المفاوضات الثنائية وهو ما سعى نيتانياهو إلى ترويجه داخل الأمم المتحدة إلى حد التمادي بالقول مهينا ومحذرا بأن السلام لن يمر من خلال القرارات الصادرة –وما أكثرها- عن المنظمة الدولية بل عبر المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وإسرائيل فهل ثمة تبجح أكثر من ذلك ومع ذلك ينال التصفيق الأمريكي والأوربي ولاشك ثمة عدد رسائل ملغومة ومسمومة في آن عمل نيتانياهو على تسريبها للمجتمع الدولي عبر الأمم المتحدة ومنها أن الدولة الفلسطينية في غزة، وليست في الضفة، وأن الفلسطينيين يرفضون التفاوض مع إسرائيل ناسيا أو متناسيا أن الفلسطينيين وقعوا اتفاقيات أوسلو قبل عقدين تقريبا واعترفوا بحق إسرائيل في الوجود دون أن يحصلوا منها على شيء، مع أنهم ألغوا ميثاقهم الوطني….! ومن هذه الرسائل التي وجهها لرعاة السلام من الفلسطينيين والعرب هي تمسك إسرائيل بالضفة التي وصفها ضرورية لكيانه، لأنها امتداد لفضائه الجوي، وذكر أن قرار مجلس الأمن رقم 242 ينص على انسحاب إسرائيل من "أراض" عربية، وليس من الأراضي العربية المحتلة عام 1967. ومنها أيضا أن السلام أولا ثم الدولة الفلسطينية المنزوعة السلاح مقابل دولة يهودية خالصة نووية بطبيعة الحال!! وطالب الفلسطينيين الاعتراف بها معتبرا أن معاقبة الفلسطينيين لمن يبيع أرضا لإسرائيل بالتمييز العنصري، كما سخر من حق العودة، وإزالة المستوطنات من الضفة، وأكد أنه لن يكون هناك سلام من دون الاعتراف بالدولة اليهودية. إذن هي ثوابت الكيان ولاءاته والتي للأسف يمتلك القدرة على ترجمتها عمليا بفعل التراكم الطويل في الإسناد الأمريكي والأوربي له منذ نشأته في 1948 وفق نظرية النهب والاغتصاب والقتل الممنهج التي ما زال يطبقها باقتدار. والمرء تصيبه الدهشة عندما يتابع هذه القدرة الصهيونية الاستثنائية على تسويق الأكاذيب والافتراءات بحسبانها حقائق بل ويصدقها في أغلب الأحيان العالم الذي لا يؤمن إلا بقوة الأمر الواقع بينما العرب والمسلمين مغيبون في متاهات الصراعات الداخلية والفلسطينيين أنفسهم قدموا بتمسكهم الهزلي بالانقسام الذي تجاوز المدى وبشكل خاص بين فتح وحماس العون الأكبر لنيتنياهو ليكرس مشروعه الاستيطاني ويواصل نهجه في الاحتلال وتحدي الشرعية الدولية. على أي حال ما يجري في أروقة الأمم المتحدة هو صراع إرادات تحكمه معادلات القوة على الأرض وهي من حيث الشكل ليست في صالح الجانب الفلسطيني والعربي ومن ثم تبدو المراهنة على التحرك النشط خلال الأيام القليلة القادمة على مستوى الجمعية العامة التي يبدو أن ملف المسألة سينقل لها بعد الفيتو الأمريكي المتوقع والمحسوب في اللحظة الراهنة لصالح إعادة انتخاب أوباما رئيسا لفترة ثانية وظني أن أغلبية دول العالم الحر لن تبخل بالتصويت لحق شعب يطالب بدولة مستقلة ليغير قواعد اللعبة في إدارة الصراع مع الكيان ومع ذلك فإن الأمر يتطلب عدم التهاون مع مطلب تفعيل المقاومة بكل أشكالها وهو ما يستوجب بداية صياغة المشهد الوطني الفلسطيني على أسس مغايرة تقود إلى مصالحة حقيقية راسخة على الأرض مع تقديم الإسناد العربي والعون الإسلامي الحقيقي الذي يقوم على الفعل وليس الكلام والبيانات وهي المعادلة التي ما زالت سائدة في التعامل مع القضية الفلسطينية حتى الآن. السطر الأخير: أنسج وجدي من حقول عينيك فكوني ضوءا يسكن مرايا وجودي سندسا يحتويني براءة ترسم تضاريسي وحدودي أيا شهد القرى. عسجد البلاد رائحة الزنابق تتوهج فتزيح عتمة الفؤاد في انتظار مجيء أمطارك لترسم غاية المنى تعيد صياغة كتابة الميلاد [email protected]