11 سبتمبر 2025
تسجيلفي مؤتمر صحفي الاسبوع الماضي، اعلن فندق أنتركونتننتال الدوحة عن استضافته لمسابقة ملكة جمال أوروبا وآسيا خلال شهر أكتوبر القادم والتي ستشارك فيها متسابقات من روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق تحت رعاية الخطوط الجوية القطرية والهيئة العامة للسياحة. وقال المدير الاقليمي للمبيعات "إن السوق الروسي يشكل أهمية كبرى وإن الأنتركونتننتال يستهدف الطبقة العليا في المجتمع الروسي والعائلات ذات الدخل العالي". وتطرق في حديثه إلى أن هذه واجهة سياحية جديدة لقطر!! قد كسبتها بفضل جهود بُذلت لتحويل إقامة المسابقة من تونس إلى قطر!!! وأن حملة تسويقية محلية وعلى نطاق دول مجلس التعاون ستنطلق الاسبوع الحالي. وقبل الدخول في صلب الموضوع أمهد بـ3 أقوال: الأول، أصدره رئيس مجلس اتحاد المنظمات الإسلامية في نيجيريا في اعتراضه على إقامة مسابقة ملكة جمال العالم في أبوجا العاصمة العام الماضي حيث قال: "لا يمكن أن نقيس ما يدعيه أنصار المسابقة من المكاسب بما تسفر عنه من تداعيات وخيمة على أخلاقيات الشعب بالسماح بممارسات ممقوتة عرفا وأخلاقا وعقيدة، مثل مظاهر العري والميوعة واستعراض مفاتن النساء". والثاني، ما قاله رئيس وزراء ولاية اوتار براديش بعد أن حظرت حكومة بهاراتيا جاناتا الهندوسية إجراء مسابقات ملكات الجمال في الولاية، حيث قال: "لا يوجد مكان للابتذال في مجتمعنا، ويجب أن نتمسك بالقيم الاجتماعية التقليدية التي لا تسمح بتنظيم مثل هذه النوعية من الاستعراض المبتذل للجمال". الثالث، عندما أقيمت مسابقات الجمال في مصر، أكد المفتي المصري (حينئذ) د. نصر فريد واصل حرمة إجراء المسابقات وقال: "لا يختلف اثنان من علماء المسلمين في أي مكان في الكرة الأرضية على حرمة هذه المسابقات التي تخلو من كل القيم الأخلاقية، وما أمر به الإسلام من صون الأعراض وحفظها، وعدم جواز كشف العورات". لن أتطرق هنا إلى الحلال والحرام، فالحلال بيّن والحرام بيّن، ولن نجد فتوى تفيد المنظمين في استقدامهم لنساء يستعرضن مفاتنهن وأجسادهن أمام الرجال في أرض الإسلام، ولكن دعونا نتساءل معا: هل قطر دولة عربية دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها كما تنص عليه المادة (1) من الدستور، أم أن المنظمين لهم رأي آخر؟ وهل قامت الدولة بصون دعامات المجتمع وإحدى ركائزه الأساسية هي مكارم الأخلاق كما تنص عليه المادتان 18 و19 من الدستور، أو رعت النشء وصانته من أسباب الفساد كما تنص عليه المادة 22 من الدستور، في إقرارها لمثل هذه المسابقة أن تقام على أرض قطر؟ وهل مسلمو نيجيريا وهندوس الهند أَغْيَرُ منا على دينهم وقيمهم واخلاقهم؟! وما جدوى استضافة مسابقة لاختيار ملكة جمال ستكون فيها المتسابقات روسيات والحضور من الطبقة العليا من المجتمع الروسي؟!! هل يوحي لنا منظم المسابقة أن قطر بحاجة إلى دولارات الطبقة الراقية في روسيا؟!! وهل هذا هو الوجه السياحي الجديد الذي ارتضيناه لدولة قطر والذي نسعى للترويج له محليا وخليجيا؟!! اكاد اجزم اننا سنجد من يبرر لنا مثل هذه الامور بدعوى العولمة والانفتاح والتطور السياحي والاقتصادي والثقافي، وسنراه يعدد المكاسب والارباح التي سيجنيها من مثل هذه المناسبات. ونقول لهم قبل ان يسترسلوا في الكلام، وما فائدة المكاسب السياحية أو الاقتصادية إذا خسرنا في مقابلها ديننا وأخلاقنا وثقافتنا؟ وما بالنا في عصر العولمة ونهضة التطور والانفتاح العالمي نترك اللب ونرضى بالتوافه والقشور؟. أتتفتح أمامنا نوافذ وابواب العلم والعلوم ولا ننهل إلا من صناديق القمامة!!. اعجزنا ان نرتقي بأنفسنا وتطلعاتنا الى ما نصلح به مجتمعنا وقيمنا وثوابت ديننا. كلنا نعرف ان المجتمع السليم يقوم على عدة مقومات وركائز لا غنى عنها. فلا يجوز أن نهتم بتنمية الاقتصاد والتعليم والثقافة ورخاء المواطن، إذا كنا في طريقنا سندوس على معتقداتنا وأخلاقنا وكياننا الأسري. ولا يجوز ان نبني جانبا من البيت القطري ونسمح للمخربين بأن يهدموا الجانب الاخر منه. عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مثل القائم على حدود الله والواقع فيها، كمثل قومٍ استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مرّوا على من فوقهم، فقالوا: لو أنّا خرقنا في نصيبنا خرقا، لم نؤذِ من فوقنا، فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً). فهل نجد من يأخذ على أيدي من يحاولون خرق سفينتنا. فاصلة أخيرة الغريب أنه في كل مرة تقام فيها مسابقات ملكات الجمال حول العالم تتصدى لها جمعيات نسائية غربية تناهض الإهانة والاستغلال الجسدي للمرأة وتنظم المسيرات الاحتجاجية وتوجه رسائل معارضة للمنظمين. شخصيا، لا أعتقد أننا سنسمع الكثير من أصوات الرجال، فأغلبهم ذئاب ينتظرون مرور الشياه! فهل نسمع للمرأة كلمتها عن مسابقة الجمال الروسي في فندق الانتركونتننتال؟