14 سبتمبر 2025
تسجيلكلنا قد سمعنا باسم (أبو جعفر المنصور) الخليفة الثاني من خلفاء الدولة العباسية، والقلة يعرفون ان اسمه هو عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب، اي ان أبا جده هو الصحابي المشهور عبدالله بن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن. فما علاقته بالراوندية؟ بعد قيام دولة بني العباس، جاء دور أبي جعفر للخلافة بعد اخيه، واستلم مقاليد الحكم هذا الداهية الرهيب ورجل الدولة القوي جداً، الذي يعتبر هو المؤسس الفعلي والحقيقي لتلك الدولة التي استمرت لمدى خمسة قرون كان كل حكامها من ذريته، فهو بحق كما قال عنه المؤرخون: فحل بني العباس هيبة وشجاعة ورأيا وحزما ودهاء وجبروتا. وذكر عنه احد المؤرخين ايضا انه لم يعرف في التاريخ الاسلامي وغير الاسلامي رجلاً يوازي دهاء وذكاء هذا الرجل الا معاوية بن أبي سفيان الذي تفوق عليه في الذكاء والسياسة. ولكن لسنا هنا لنتوسع في سيرة الخليفة المنصور العجيبة والتي بحق تستحق القراءة، بل دعونا نفكر في حال من يحكمهم حاكم بهذه الصفات؟ والحقيقة ان الشعب العباسي في عمومه كان مطيعا للخليفة، ولكن ظهر في عهده فرقة مشركة غلت في أبي جعفر المنصور حتى عبدوه من دون الله. تلك هي فرقة الراوندية المشركة، والتي كانت تؤمن بتناسخ الارواح، فكانوا يعتقدون ان روح آدم انتقلت حتى حلّت في رجل من قادة أبي جعفر اسمه عثمان بن نهيك، وكانوا يعتبرون رجلا آخر من رجال الخليفة اسمه الهيثم بن معاوية بمثابة جبريل عليه السلام، فكانوا يطوفون حول قصر أبي جعفر كطواف المسلمين حول الكعبة ويقولون "هذا رب العزة، هذا الذي يطعمنا ويسقينا". وبطبيعة الحال لم يكن أبو جعفر ليرضى بهذا الشرك الاكبر، فأمر أولا بحبس زعمائهم، فثارت هذه الفرقة على معبودها! ولا تعجب عزيزي القارئ فإن الضلال يأتي متشابكا مربكاً لعقول أصحابه نسأل الله السلامة. وفي ثورتهم السريعة المربكة والمرتبكة هذه تمكنوا من قتل عثمان بن نهيك الذي زعموا أنه آدم، ولكن الخليفة البطل خرج لهم ومعه بعض خاصته، ووقف عامة الشعب مع خليفتهم (لأن جيش الخلافة لم يكن في قصر الخليفة) فهزموا الراوندية بإذن الله، وتمكنوا من القضاء على ثورتهم الغريبة العجيبة تلك، التي يعجب الانسان اشد العجب من كيفية تأليه الناس لبشر مثلهم!. وقد لا نستغرب عندما نرى اليوم بعض الفرق التي تعبد الاشجار والاحجار والحيوانات وغيرها في بعض الدول، لكن الغلو في الاشخاص والاشياء قد يجرف الشخص بعيداً حتى يخرجه من الملة والعياذ بالله. قال الرسول عليه افضل الصلاة والسلام: "الشرك في هذه الأمة أخفى من دبيب النملة السوداء على صفاة سوداء في ظلمة الليل"، ونحن نقول "اللهم إني أعوذ بك أن أشرك بك شيئًا وأنا أعلم، وأستغفرك من الذنب الذي لا أعلم". وأعجب من الراوندية الذين التبس عليهم الامر هم بعض من رأينا من الشعب الاماراتي الذي رأيناه يتسابق مع حكومته في الرفع من شأن الكيان المسمى اسرائيل، حتى اقتربوا من الغلو فيهم، فإن كان الراوندية افتتنوا بأبي جعفر للصفات الآنف ذكرها، فماذا وجد الاماراتيون في حكامهم حتى يفتتنوا فيهم؟ ويا ليته كان فيهم من يوازي أبا جعفر، ولكنهم - وخصوصاً ولي عهد امارة ابوظبي - برعوا فقط في الدسائس والمؤامرات تجاه كل ما هو اسلامي، فما سر هذا التقديس ايها الاماراتيون؟. فإن قلتم انه القمع، فنقول لهم: ألا تسعكم بيوتكم فتكتمون ايمانكم كمؤمن آل فرعون؟. لأنه لا يستقيم ان تنكر بقلبك ثم تصور ابناءك حاملين أعلام الكيان الغاصب المغتصب. ولا يستقيم ان تنكر بقلبك ثم تصور المعبد الوثني على انه معلم من معالم التسامح. ولا يستقيم ان تؤمن بالله بقلبك ثم تخرج على الملأ بمدح من حاد الله ورسوله، ثم بذر بذور الانشقاق بين الاخوة. لا يستقيم هذا كله ولا يمكن للعقل ان يقبله ابداً. للمعلومية، حتى مؤمن آل فرعون كشف ايمانه عندما وصل الامر الى تجاوز الحدود القصوى، فمتى نرى مؤمني آل فرعون في الامارات؟.