17 سبتمبر 2025

تسجيل

مليشيات إيران والانتقام من العراقيين

26 أغسطس 2015

من الحقائق الميدانية المهمة التي أفرزتها مرحلة التحرك الجماهيري العراقي والحراك الشعبي الشامل في ساحات التظاهر في المدن العراقية، إماطة اللثام عن العديد من الملفات والحقائق التي كانت مغيبة وسط ركام الأحداث والمختفية تحت ملفات المصالح والمشاعر الطائفية الضيقة التي أردت العراق وشعبه مورد الهلاك، فالأحزاب الطائفية التي تسلقت الموجة وتصدت الركب بعد احتلال العراق عام 2003 وإسقاط الدولة الوطنية ومؤسساتها الأمنية والعسكرية باتت تواجه اليوم ساعة الحقيقة أمام تراكم ملفات فشلها المرعبة، وتهاوي دعاياتها ونظرياتها، وإثباتها أنها تحولت لأكبر مظلة فساد مرعب في تاريخ العراق المعاصر، لذلك كانت ردود أفعال وتصرفات تلكم القيادات قمة في العدوانية وعدم الاتزان بعد أن عبرت الجماهير العراقية المسحوقة والتي كانت أصلا هي الحاضنة الشعبية لتلكم الأحزاب عن تبرمها وضيقها وكفرها الصريح بسياسات وممارسات وقيادات تلكم الأحزاب. لقد كان الابتزاز سيد الموقف، فإمام جمعة النجف مثلاً وهو القيادي في جماعة المجلس الأعلى الموالي لإيران صدر الدين القبانجي قد اعتبر التظاهرات والمطالبات الشعبية إساءة للدين والمذهب، وكذلك فعل القطب المجلسي الإيراني الآخر جلال الدين الصغير الغارق حتى الثمالة في أوحال الإرهاب الطائفي، وهو موقف ابتزازي صريح يعبر بكل تأكيد عن فشل قيمي وأخلاقي، فالدين كما نعرفه ويعرفه جميع العقلاء يأمر بمحاربة المنكر والدفاع عن الحق ورفع المظلومية وإن أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر، والجور والظلم والسرقة التي مارستها الأحزاب الطائفية قد تعدت كل الحدود حتى تخلصت الجماهير من صبرها الطويل، وعبرت عن مواقفها الصريحة، وهتفت بسقوط الطغيان لتدك صروح اللصوصية والفساد والتعجرف. وكان من الطبيعي أن تكون شعارات المتظاهرين موجهة لتلكم العصابات، التي استشعرت الخطر الداهم، مما دعا قياداتها الميدانية لرفع رايات التهديد والتلويح بالانتقام مع حملة الإشاعات المفبركة التي تصور المتظاهرين وشعاراتهم بكونها معادية للإسلام، أو المذهب، وليس ذلك من الحقيقة في شيء أبدا، فبعد تهديدات زعيم عصابة (العصائب) الإرهابية قيس الخزعلي للجماهير، جاء دور زعيم العصابة الإيرانية الأكبر في العراق وقائد الحشد الطائفي المهزوم والعميد في الحرس الثوري هادي العامري والذي يحاول جاهدا تقديم كل صور الابتزاز الفاضح، فهو يقول بأن الحماية الحكومية للتظاهرات الشعبية كانت سببا في تقدم تنظيم الدولة في (بيجي)، ثم عاد لاحقا ليهدد الجماهير ويلوح بأن (المخربين) ويقصد المتظاهرين السلميين، يعادون الإسلام ويحاربونه، وذلك افتراء محض وكذب صريح يخفي رعبا طائفيا قاتلا من سحب البساط من تحت أقدام العصابات الطائفية، وهو ما فتح الطريق لبداية حملة اعتداءات ميليشياوية على المتظاهرين كما حصل في محافظات البصرة والنجف وكربلاء وبابل، وهو ما سيتطور لاحقا وحتما لاعتداءات أوسع ستصل لدرجة إدارة عمليات اغتيال سياسية عادة ما تعتمدها الأنظمة القمعية من خلال استهداف رموز معينة وتصفيتها وإرهاب الساحة والجماهير مع إشاعة إشاعات مغرضة تصور المتظاهرين بكونهم معادين للإسلام، وهي إستراتيجية إيرانية واضحة لتفكيك المعارضة يبدو أن المستشارين الإيرانيين في العراق قد نصحوا أتباعهم وعملاءهم ورجالهم في العراق باتباعها أسوة بما فعله النظام الإيراني بمتظاهري ربيع طهران عام 2009.. العامري باعتباره إيراني الولاء والهوى والمرجعية لابد أن يطبق ما نصحه به سادته في إيران وسيده المباشر في العراق (السردار قاسم سليماني) الذي يتجول بحرية في العراق متحدياً الجماهير وحتى الولايات المتحدة التي تمنعه من السفر، بينما هو يحكم العراق فعلياً. حقائق الموقف تقول بأن الميليشيات أقوى من حكومة العبادي وشرطته وقواه الأمنية، وأنها اليوم بصدد الإعداد لتدبير وإدارة مذابح كبرى ستقوم بها ضد المتظاهرين وبما سيؤدي في نهاية المطاف لانقلاب ميليشياوي رهيب باتت الأحداث تتسارع إليه بقوة. كل ما يدور في كواليس الحكم العراقي يؤكد حتمية الصدام بين الميليشيات الطائفية والجماهير، وهو تطور سيؤدي لنتائج من شأنها تغيير مجرى إدارة الصراع في العراق وصولا لاضمحلال الدور الإيراني الرهيب.