12 سبتمبر 2025
تسجيلناتنياهو مني بهزيمة حياته يوم 24 يوليو الذي كان يأمل حصاده منذ السابع من أكتوبر حين وقف خطيبا متلعثما أمام نواب الكنغرس الأمريكي، لأن الكاذب يتلعثم بينما غاب عن مقاعدهم 91 نائبا أعلنوا مقاطعة من أطلقوا عليه هم بلسان السيد الشريف (بيرني ساندرس) المرشح الأسبق للرئاسة نعت «العنصري عدو إسرائيل وأمريكا مرتكب جرائم الإبادة وقاتل 20 ألف طفل فلسطيني بل وأحيانا نعت «جزار غزة»! وهو ما يسرع خطوات ناتنياهو نحو الانتحار. هي بالفعل ظاهرة حيرت العالم ولم يفهمها حتى أكثر علماء الغرب تمسكا بقيم هذا الغرب التقليدي الأطلسي ومبادئه المؤسسة وفي طليعتها الديمقراطية وحرية السوق وتمتع المواطنين بحقوقهم حسب ما نصت عليه دساتير دول الغرب والمواثيق التي وقعها زعماؤه على مر الأزمات الكبرى والحروب القاتلة وتجارب إبادة الشعوب الأصلية التي غزاها الغربيون البيض وقتلوا منها الملايين وسرقوا خيراتها و»استعمروا» قاراتها وغيروا طبائعها (تذكروا احتلال أستراليا والأمريكيتين والموزمبيق والكنغو وليبيا وغابات الأمازون وآخرها فلسطين التي اسمها فلسطين منذ الكنعانيين والأشوريين فحولها الغرب الى إسرائيل بسبب شعور ألمانيا و فرنسا بذنوب المحرقة!! ومثل كل محطة تاريخية منذ الحروب الابادية الصليبية يدفع العرب والمسلمون أثمان خطايا أمم أخرى لأن الالمان والفرنسيين هم الذين ارتكبوا بدون ضمير ولا اخلاق جرائم المحرقة بل إن بلاد الإسلام كانت وما زالت هي الحاضنة ليهود العالم المضطهدين ومأواهم باسم القيم الإسلامية الخالدة التي تفضل أهل الكتاب عن سواهم من ذوي البدع والشعوذات مثل الهندوس والسيخ وغيرهم. لا بد أن أحيي في هذه العجالة رجلا فرنسيا أمينا وجريئا وهو الإعلامي والمفكر والأكاديمي الفرنسي (باتريك بويسون) الذي عمل مستشارا سياسيا للرئيس الأسبق نيكولا ساركوزي وتوفي بعد حرب غزة أواخر2023 وكان هو نفسه يمينيا لكنه استيقظ على حقيقة اليمين العنصري وأعلن توبته في برامج تلفزية ومحاضرة قيمة جريئة أمام جمهور كبير من الشباب الغربي حين تلقى من بعضهم أسئلة حائرة ولا حظ الأستاذ (بويسون) أن جزءا مهما ومتزايد العدد منهم انجرف وراء الشعارات العنصرية بمناسبة صعود اليمين المتطرف وشعاراته الشعبوية الفضفاضة وصعوده في المحطات الانتخابية في كل أوروبا وخاصة حزب اليمين العنصري الفرنسي القديم الذي جاء تاريخيا وأيديولوجيا من النازية الهتلرية المجرمة وحتى قبل ذلك بكثير من بقايا أشباح الحروب الصليبية (1095 – 1271) وتطور العداء بين المسيحيين والمسلمين مع الحملات الاستعمارية بدءا من حملة نابليون على مصر و الشام (1799) و امتد الاستعمار الى 1963 (تاريخ استقلال الجزائر) لكن الاستيطان الصهيوني لفلسطين يشكل حلقة مستمرة من سلسلة نفس الروح الاستعمارية التي أبادت الشعوب الأخرى بلا رحمة. ورحم الله بورقيبة الذي قال في أريحا يوم 5 مارس 1965 بأن احتلال فلسطين هو آخر استعمار في التاريخ الحديث. وحلل الأستاذ الكبير كيف أن احتلال فلسطين وانحراف الصهيونية نحو شرعنة الإبادة الجماعية واعتبار الإبادة والقتل والتوطين هو دفاع شرعي عن أمن «بلاده» و روج إعلام الغرب الطاغي و الشريك في الجريمة هذه الأكاذيب بل روجتها حتى بعض وسائل الاعلام العربية المطبعة!! أكد أستاذنا النزيه (باتريك بويسون) للشباب بأنهم مناقضون للحقيقة لأنهم حسب رأيه تمسكوا بوهم مغشوش يقول بأن الغرب متفوق على الإسلام! وقال:» ماذا ربح الغرب من تقدمه المادي والعلمي سوى أنه أصبح يمتلك أجهزة غسيل وطهي و كنس و موبايلات متطورة لكنه لا يستعمل الا 20% من تطبيقاتها مع تكنولوجيات التحكم عن بعد وصنعوا له أدوية لإطالة عمره والتمديد في أمله في الحياة لكن فقد الأهم بكثير من هذا الرفاه المادي المزيف خسر روحه وسكينته النفسية والايمان بالله الذي يعطي لحياته معنى مع ألفة عائلية فقدها الغرب والمودة والرحمة بين الزوجين واحترام كبار السن في حين نضعهم نحن في ملاجئ العزلة و انتظار الموت دون بر ولد و دون يد حنونة تمسك بأيديهم المرتعشة مع اعتبار الموت لدى المسلم تكملة للحياة ومنتهى وجوده على الأرض و بداية رحلته الى رب العالمين! إن الغرب في ضلال مبين شقي بائس لا يفرح بل فقد المشاعر والمحبة الى الأبد! فكل ما كسبه الغرب من أدوات لا تسعده في الحقيقة بل تزيد من أوهامه وبؤسه بينما الإسلام يعني تسليم أقدار المؤمنين الى رب العالمين في حين أنك أيها الغربي تجد نفسك وحيدا مع الأطباء والأجهزة أحيانا في مجال تجارة ومنطق الربح واقتصاد السوق! ونعود بالذاكرة الى عصر الجنرال ديغول زعيم فرنسا ومحررها من الاحتلال الألماني عام 1940 فقد قال عنه الرئيس الأسبق لجمهورية فرنسا (فرنسوا ميتران) سنة 1990: «إن ديغول هو من خطط لاحتلال المستعمرات الافريقية التي منحها استقلالات مزيفة وسلب ثرواتها جميعا و فرض على دولها الهشة و التابعة له عملة فرنسية هي (الفرنك الفرنسي الافريقي) تتداول بينها الى اليوم بعيدا عن حركة الاقتصاد المعولم المتعدد العملات والأقطاب فزاد فقر افريقيا بينما ازدهرت فرنسا (عاصمتهم و مستعمرتهم) وكيف نفسر إذن أن البنك المركزي الفرنسي يحتوي على 2300 طن من الذهب بينما لا تملك الدول الافريقية طنا واحدا و فيها وحدها مناجم الذهب. وكيف نفسر أن فرنسا اليوم تصدر الطاقة الكهربائية النووية لأوروبا وليس فيها غرام واحد من اليورانيوم و الكوبالت بينما ترزح القارة تحت أزمات الكهرباء يوميا؟؟ أخيرا نورد للقراء ما كتبه الصحفي الأمريكي (جاف كوناللي) في تقرير لوكالة (وورلد نيوز) حيث قال: « إن إسرائيل تقرر السياسات الأمريكية مباشرة أو سريا بأداة (الأيباك) (الهيئة الامريكية الإسرائيلية للسياسة الخارجية) وهذه الهيئة العملاقة تشغل 37 ألف موظف قارين برواتب عالية ولديها مجلس يتركب من 3000 عضو اسمه (مجلس المانحين الكبار لتمويل الحملات الانتخابية للمترشحين للرئاسة!) أي في أيديهم قوة تعيين من يختاره الصهاينة لحكم الولايات المتحدة!!! هل فهمتم لماذا يلبس المرشحون للبيت الأبيض (الكيبة) على رؤوسهم متغنين بالولاء.. وبسيادة القرار!!!