13 سبتمبر 2025

تسجيل

الديمقراطية والوجه القبيح للغرب

26 يوليو 2016

رغم أن فكرة الديمقراطية نبتت في الغرب عبر قرون من المواجهات بين شعوب أوروبا وحكوماتها المستبدة، حتى أصبحت هي النظام الثابت في كل هذه الدول، وتحولت تدريجياً إلى واحدة من قضايا السياسة الخارجية التي تسعى إلى نشرها عبر العالم كله.. أو هكذا كانت تحاول أن تبدو. هكذا كانت تحاول أن تبدو، لأن الحقيقة التي تكشفت عبر كثير من الأزمات التي مرت بها دول العالم المختلفة من غير دول العالم الغربي، كانت تؤكد أن الديمقراطية هي للداخل الأوروبي فقط، وأنه غير مسموح لأية دولة أخرى بتطبيق هذا النموذج إلا وفق شرطين أساسين، أولهما تحول هذه الدولة إلى ذات الثقافة الغربية الكاملة والتخلي عن ثقافتها التقليدية.. والشرط الثاني يتمثل في عدم تصادم هذه الديمقراطية مع المصالح الغربية في السيطرة على العالم.وهناك عشرات الأمثلة التي تبين كيف وقف الغرب في مواجهة تطبيق الديمقراطية في دول مختلفة، لأنها لا تفي بهذين الشرطين أو أحدهما. بدءًا من دول أمريكا اللاتينية وليس انتهاءً بدول الربيع العربي، حيث فعلت أوروبا وأمريكا كل ما بوسعها من أجل إفشال تلك التجارب لأنها تعلم جيداً أن الديمقراطية تأتي على حساب مصالحها الإستراتيجية في المنطقة.ولعل ما حدث في الأيام الماضية في تركيا من محاولة فاشلة لانقلاب عسكري ضد نظام الحكم الديمقراطي فيها، يعطي مزيداً من الأدلة على أن الغرب ليس ذلك الرجل الأبيض الذي خرج في مهمة مقدسة من أجل انتشال العالم من عصور الظلام والاستبداد.وإذا ما تغاضينا عن كثير من المؤشرات التي تؤكد تورط العديد من دول أوروبا وأمريكا في هذا الانقلاب، فإن ردود فعله، سواء تلك التي تأخرت في البداية عن انتقاده، أو تلك التي جاءت بعد فشله لتطالب الحكومة التركية بعدم تجاوز القانون في مواجهة الانقلابيين وهو الأمر الذي يعني غل يد تركيا في مواجهة مجموعة من الخونة الذين أرادوا تدمير حاضرها ومستقبلها.. هذا يؤكد أن هذا الغرب لا يقف فقط ضد الديمقراطية بل يؤيد الديكتاتورية ويسعى لدعمها بكل الطرق طالما أنها تحقق مصالحه.والأدهى من ذلك أن يجد خونة الانقلاب ومن يدعمونهم، الملجأ الآمن في دول الغرب. فيرفضون تسليمهم كما هو الحال مع فتح الله جولن الذي تتهمه الحكومة التركية أنه يقف خلف تلك المحاولة الانقلابية من خلال أنصاره المنتشرين في الجيش وباقي مؤسسات الدولة. وتتعلل واشنطن، التي تستضيف جولن على أرضيها، بأن أنقرة لم تقدم الأدلة القانونية التي تؤكد مشاركة الرجل في هذا الانقلاب، رغم أننا لم نسمع أن واشنطن اهتمت بوجود أية أدلة تجاه من تريد القبض عليهم في أي دولة من دول العالم.ولعل ما حدث في جوانتناموا خير دليل.. ويكتمل هذا الوجه القبيح للغرب بما أعلنته رئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي، من أنها مستعدة لإعطاء أمر بتوجيه ضربة نووية تقتل مئات آلاف الأبرياء من الأطفال والنساء من أجل الحفاظ على مصالح الدولة البريطانية.تصريحات ماي جاءت خلال جلسة لمجلس العموم البريطاني، ومع ذلك لم يرد عليها أياً من أعضاء المجلس، حتى ولو من باب أن هذا يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي بدأت من بريطانيا أو مع مبادئ حقوق الإنسان التي يتشدقون بها ليل نهار.