11 سبتمبر 2025
تسجيلنجح القائد رجب طيب أردوغان ومعه الشعب التركي بإفشال الانقلاب والقضاء على المؤامرة في مهدها، ولم يكن ذلك ليتحقق، بعد إرادة الله سبحانه وتعالى، لولا الحركة السريعة للرمز المستهدف، إلا وهو الرئيس، إذ إن الأوامر كانت واضحة، اقتلوا "الهدف"، لكن مشيئة الله العلي القدير أنقذته بفارق زمني قليل. نجاح الرئيس أردوغان في قيادة زمام المبادرة منذ اللحظة الأولى كان حاسما، لأنه وضع العصى بين "إطارات" الانقلابيين، ما عرقل حركتها، وأخرها بعض الوقت، رغم تقديم الانقلابيين لموعد مؤامرتهم الانقلابية عندما "شموا" رائحة انكشاف مخططهم الجهنمي، ولم يكن لقيادة الزعيم أن تنجح لولا استجابة الشعب التركي الواثقة بهذه القيادة.لم يكن المحاولة الانقلابية صغيرة، بل كانت كبيرة، اشترك فيها قادة القوات الجوية والبرية والبحرية وخفر السواحل وبعض قادة القواعد العسكرية الكبيرة خاصة قاعدة "انجرليك"، ولم يكن مخطط الانقلابيين اعتباطيا أو ارتجاليا، بل كان محكما بكل ما في الكلمة من معنى، فقد كان التنسيق وتوزيع المهام على أعلى مستوى، وبالتالي فإن هذه المحاولة الانقلابية كانت على الورق "كاملة الدسم"، ولم ينزع الدسم منها إلا رفض قائد الجيش الأول الاشتراك فيها، ووقوف المخابرات والقوات الأمنية الشرطية إلى جانب الشرعية والديمقراطية.مما لا شك فيها أن انحياز الأحزاب التركية، العلمانية واليسارية والقومية، ومعها النخب الثقافية والفنية والرياضية ومؤسسات المجتمع المدني ضد الانقلاب، أسهم بشكل كبير جدا في نزع أي قوة للانقلابيين، وتحويلهم إلى مجموعة من "المتمردين العصاة الخارجين على القانون"، ربما كانت هذه العوامل مجتمعة هي المرحلة الأولى من مراحل إفشال المحاولة الانقلابيين للمتمردين العصاة.رغم كل ذلك فإن الانقلابيين لا يزالون يشكلون خطرا على النظام والديمقراطية في تركيا، فعدد الذين اشتركوا "قليل" مقارنة بالعدد الكبير للمتورطين، علميا وماديا ومعنويا، وبالتالي فإن ما جرى في المرحلة الأولى من المحاولة الانقلابية، لم يكن أكثر من "قص الرؤوس الظاهرة" فقط، وهذا لا يكفي.هنا انتقل القائد أردوغان ومعه حكومته وبمؤازرة من نواب الشعب والأحزاب إلى المرحلة الثانية، وهي قطع "أغصان وسيقان" الانقلابيين، وذلك بتنفيذ حملة من الاعتقالات والتوقيف عن العمل شملت أكثر من 13 معتقلا وما يقرب من 60 ألف موقوف عن العمل، وهي خطوة ضرورية لابد منها لكنها غير كافية، وهذا يحتم الانتقال إلى المرحلة الثالثة إلا وهي اجتثاث الجذور، وهذه تحتاج إلى "نبش التراب الانقلابي" والبحث عن الأفاعي المختبئة تحت الأرض لأنها قاتلة وخطيرة، وهي عملية طويلة الأمد تتطلب تجفيف المستنقعات الفكرية والمالية، التي ينهل منها هؤلاء الانقلابيون، فالتخلص من الانقلابي الكامن لا يعني القضاء على الانقلابي الكامن، ما لم يتم تطهير المكان وقلب التربة وإخراج الأفاعي من جحورها وتدمير هذه الجحور والقضاء على كل "البيوض" الانقلابية، وهذا ما يقوم به القائد رجب طيب أردوغان حاليا.المهمة ليست سهلة ولن تكون يسيرة، بل ستكون طويلة وشاقة وعسيرة، وسيهجم الغرب على تركيا بحجة حقوق الإنسان والمعايير الأوروبية والاتفاقيات وغيرها من المبررات الواهية، وستتعرض تركيا لحملة إعلامية شعواء من قبل الإعلام الغربي ومعه الإعلام العربي، ومن يقرأ الصحافة البريطانية ويشاهد القنوات التلفزيون يدرك أن الحملة على الرئيس أردوغان وحكومته بدأت حتى قبل أن يفشل الانقلاب لكنها ستتحول إلى حملة "مسعورة" خلال الأيام المقبلة، وهذا يتطلب من كل الإعلام الشريف في تركيا والعالم العربي شن حملة إعلامية معاكسة للحملات الغربية – العربية المسمومة.