17 سبتمبر 2025
تسجيلإن التنشئة الاجتماعية هي عملية تمرير للقيم الدينية والخلقية والثقافية من جيل إلى جيل وبذلك تكون عملية حضارية تحمل في طياتها قيم علاقات التعاملالاجتماعي بين الأفراد، كالصدق والتعاون والتكافل. فهي تتضمن عملية ضبط اجتماعي للفرد، فعن طريقها تتعلم الأجيال الجديدة والحقوق والواجبات داخل المجتمع، فتحقق عن طريق اختيار العناصر الصالحة والتي تؤدي إلى رقي الفرد والمجتمع.ويدخل في ذلك ما يلقنه الآباء والمدرسة والمجتمع للأفراد من لغة ودين وتقاليد وقيم ومعلومات ومهارات، فالمسلم في رمضان يصوم وتصوم جوارحه عن فعل كل محرم يخاف الله، يرجو رحمته ويخشى عذابه.فلقد خلق الله تعالى الإنسان لغاية وأسمى هذه الغايات العبادة، فقد منَّ علينا سبحانه وتعالى بنعم عظمية .« وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها » وجليلة ومن هذه النعم الجوارح التي ينبغي على كل إنسان توظيف هذه الجوارح وتسخيرها في طاعة الله تعالى والقرب منه، حتى تكون هذه الجوارح لنا نعمة وليستنقمة ومن هذه الجوارح اللسان، فهو نعمة عظيمة من نعم الله عز وجل، له في الخير مجال واسع وله في الشر ذيل طويل، فمن أطلق لسانه وسلك به سبل الشيطان فإن مصيره الهلاك بلا شك، ولا ينجو الإنسان من شر اللسان إلا من قيده بأمور الشرع، فلا يتكلم إلا بما ينفعه في الدنيا والآخرة واللسان أعصى الأعضاء على الإنسان وهو أعظم وسيلة يستخدمها الشيطان ضد بني آدم، ومن هنا فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه: (كفَّ عليك هذا، يعني اللسان، فقال: يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال صلى الله عليه وسلم: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) رواه أحمد. لذلك يجب على كل مسلم امتلأت نفسه رضا وطمأنينة بروح الإيمان الندية وخالطت نفسه تعاليم الإسلام وهدايته السمحة، أن يعلم أن اللسان له تبعات خطيرة ربما تكون سببا لحتف الإنسان في المهالك خاصة وهو صائم حتى لا يضيع صيامه فهو يحفظ لسانه من كل سوء ومن اللعن والسب والشتم وما يكون سببا للقطيعة بين المسلمين، كالغيبة والتحدث عن الناس والسعي بين الناس بالباطل لمثل ها يورده المهالك، فالمسلم يعلم لذلك، فهو عنها بعيد جدا، وإنه ليزداد عنها بعدا كلما تبدت له الأسوة الحسنة مجسدة في هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لم تصدر عنه كلمة واحدة تخدش سمع السامع، أو تجرح شعوره أو تمس كرامته ويبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذروة في اجتثاث عوامل الشر والحقد والعدوان من النفوس حتى يصور للمسلمين المصير الأسود الخاسر لمن أطلق لسانه في أعراض الناس، فإذا بتلك الشتائم الجوفاء والقذف الأرعن والاعتداءات البشعة الرخيصة التي بدرت منه ذات يوم، تأتي على كل ما جناه في حياته من حسنات، وترده مفلسا خالي الأعمال من كل عاصم يعصمه من النار يوم الحساب الرهيب.ومن حكمة الله تعالى أن جعل جميع أعضاء الجسم تطالب اللسان بالاستقامة، فما من صباح يصبح فيه الإنسان إلا وأعضاؤه تذكر اللسان وتقول له: اتق الله فينا فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا.واللسان فيه آفتان عظيمتان إن تخلص من إحداهما لم يتخلص من الأخرى، آفة الكلام وآفة السكوت، فالساكت عن الحق شيطان أخرس عاص لله مراء والمتكلم بالباطل شيطان ناطق عاص لله.ولقد صدق من قال: عثرة القدم أسلم من عثرة اللسان، وإياك أن يضرب لسانك عنقك، فضربة اللسان أسوأ من طعنة الرمح وكلام المرء بيان فضله، وترجمان عقله، وإن بلاء الإنسان من اللسان، أما أهل الاعتدال وهم أهل الصراط المستقيم الذين ساروا على هدي الإسلام وتعاليمه، فقد كفوا ألسنتهم عن الباطل وأطلقوها فيما يعود عليهم نفعه في الدنيا والآخرة.