16 سبتمبر 2025
تسجيلحينما تتفق وكالات أنباء وصحف وفضائيات ومحطات إذاعية ومواقع اتصال أوروبية وأمريكية وصينية وروسية ويابانية وعربية على التعبير بكل أمانة على تقديرها للدبلوماسية القطرية خلال أيام هذه الأزمة الخليجية يكون اتفاقها بعبارات مختلفة دليلا ساطعا على رفعة المنزلة التي كسبتها دولة قطر بفضل دبلوماسية تتميز بالهدوء والاحترام الكامل لنواميس وأعراف التعامل الدولي مع الأزمات حسب ما تمليه ثوابت الدولة القطرية في علاقاتها مع أشقائها وجيرانها وحليفاتها وما تفرضه معاهدة فيانا لسنة 1961 من واجبات الدول في سياساتها الخارجية. فمثلا نقرأ على صفحات عديد الصحف الغربية هذه الأيام نفس المصطلحات الإعلامية تقريبا للتعبير عن إعجاب الملاحظين والمحللين وكتاب الافتتاحيات فيها بردود الفعل القطرية إزاء الحصار المضروب عليها لأول مرة في التاريخ الحديث وهي دولة من الدول المحبة للسلام دون مبررات مقنعة ودون أي غطاء من منظمة الأمم المتحدة وتشيد جميع هذه الأقلام بألفاظ مختلفة لكن متحدة المعاني بموقف الدبلوماسية القطرية إزاء حملات التضليل والافتراء التي تستهدف مصالحها وتشكك في مقاومتها لكل أشكال الإرهاب فنقرأ في صحيفة (لوموند) الباريسية و(واشنطن بوست) الأمريكية و(كوريريرديلا سيرا) الإيطالية و(دير شبيغل) الألمانية على سبيل المثال تقييمات أمينة لما أسمته أغلب هذه الصحف الكبرى دبلوماسية المبادئ ولما وصفته بالمواقف الرصينة البعيدة كل البعد عن التشنج والمراوغة. وتورد هذه الصحف في معرض تحليلها لمواقف اللاعبين الأساسيين في الأزمة بعض المؤشرات الواضحة على الترفع والمستوى العالي للدبلوماسية القطرية وذلك من خلال إعلان الدولة القطرية على لسان حضرة صاحب السمو أميرها إلى وزيرها للخارجية إلى المسؤولين على مستويات عديدة بأن قطر لن تقبل الإملاءات التي تمس من سيادتها (مثل كل الدول المحترمة) ولا أن تحيد عن القيم التي تحرك دبلوماسيتها لكن دولة قطر تتفهم هواجس بعض أشقائها ومستعدة لمناقشة هذه الهواجس في كنف ميثاق منظمة مجلس التعاون لدول الخليج وفي كنف احترام كل مستحقات القانون الدولي والمعاهدات الدولية والثنائية الملزمة لكل الأطراف. ثم يسجل المراقبون موقف قطر الداعي للحوار بعد رفع الحصار المضروب حولها وهو موقف يحترم أبجديات التعاطي الناجع مع الأزمات لأن كل حوار جاد ومثمر لا يتم في ظروف استعمال القوة أو التلويح بها بين أطراف تفرض الحصار غير المشروع وبين طرف مستهدف مطلوب منه أن يبصم على إملاءات غريبة ومتباينة وغير صحيحة الأسس! فأي حوار ينعقد في هذه الظروف الغامضة يعتبر حوار صم بكم لا يتحاورون بقدر ما هم يمارسون عملية لي ذراع ولي عنق القانون الدولي بالإضافة إلى محاولات تدمير أسس النسيج الخليجي المشترك والذي صمد مرارا في وجه التدخلات الهجينة بين الضفر واللحم وبين الأخ وأخيه وهو تدمير لن تنخرط فيه دولة قطر وتأباه منذ نشأة مجلس التعاون. ثم إن المواقف لا تنتهي عند ردود الفعل بل تتشكل من منظومة أخلاقية تمثلت لدى القيادة القطرية والشعب القطري في الحفاظ على أمن وشغل وعائلات وحرية وأموال المقيمين في دولة قطر من رعايا الدول المعلنة للحصار فلم تغلق قطر أي سفارة ولم تطلب من أعضاء السلك الدبلوماسي لهذه الدول جميعا لا مغادرة قطر ولا حتى تحد من تحركاتهم بل أصدر صاحب السمو الأمير تعليماته بأن لا تمس أي شعرة رأس من أي مقيم مواطن تلك الدول وهو ما خطه المجتمع المدني الدولي في سجل جليل الأعمال القطرية وارتفاع همة القيادة القطرية صونا للمستقبل واعتبارا منها أن الأزمة مقدر لها أن تزول تاركة للزمن أن ينصر الحق ويخذل الباطل. يمكن القول دون تردد أن مقابلة الإساءة بالإحسان ومواجهة التشنج بالهدوء والرد على الشر بالخير هي خصال المؤمن بـالله وبعدالة قضيته في زمن الحسابات الضيقة والمكائد المضللة. والجميع يعرف أن ما يسمى بالإرهاب ما هو إلا شبح هلامي غامض الملامح يرفع شعارا لكل مظلمة تاريخية وما بلغته قطر من درجات الرقي والتقدم والسمعة العالمية ما هو سوى نتيجة مقاومتها للإرهاب الحقيقي في كل تجلياته الإقليمية والدولية وحرصها على سلامة الخليج من كل شوائب الإرهاب والعنف فعلا لا قولا وممارسات لا شعارات فقطر مصنفة ضمن الأوائل والطلائع من الدول التي تعيش في أمن وسلام مدني وأخوة اجتماعية قوامه حوالي 180 جنسية مختلفة بأديانها وثقافاتها ولغاتها ومدارسها وممارسة شعائرها في كنف دولة عادلة وضامنة للحريات وحائزة على المراتب الأولى في عديد المجالات (الطيران القطري الأول في العالم للمرة الرابعة وكذلك الأمن والتعليم والرياضة واستقرار الأسواق المالية ومستوى دخل الفرد ونجاعة الأعمال الخيرية والوساطات الخيرة بين الأشقاء).