11 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); عن الحسن بن علي سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته رضي الله عنه قال: «حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وعند الترمذي وغيره زيادة في هذا الحديث وهي " فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة " ومعنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتقائها، فإن الحلال المحض لا يحصل لمؤمن في قلبه منه ريب - والريب: بمعنى القلق والاضطراب - بل تسكن إليه النفس، ويطمئن به القلب، وأما المشتبهات فيحصل بها للقلوب القلق والاضطراب الموجب للشك.قال أبو عبد الرحمن العمري الزاهد: إذا كان العبد ورعا، ترك ما يريبه إلى ما لا يريبه.وقال الفضيل: يزعم الناس أن الورع شديد، وما ورد علي أمران إلا أخذت بأشدهما، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك.وقال حسان بن أبي سنان: ما شيء أهون من الورع، إذا رابك شيء، فدعه.وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن أكل الصيد للمُحْرِم، فقالت: إنما هي أيام قلائل فما رابك، فدعه يعني ما اشتبه عليك: هل هو حلال أو حرام، فاتركه، فإن الناس اختلفوا في إباحة أكل الصيد للمحرم إذا لم يصد هو.وقد يستدل بهذا على أن الخروج من اختلاف العلماء أفضل، لأنه أبعد عن الشبهة، ولكن المحققين من العلماء على أن هذا ليس هو على إطلاقه، فإن من مسائل الاختلاف ما ثبت فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم رخصة ليس لها معارض، فاتباع تلك الرخصة أوْلى من اجتنابها.وها هنا أمر ينبغي التفطن له وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه، فإنه لا يحتمل له ذلك، بل ينكر عليه، كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هما ريحانتاي من الدنيا» .وسأل رجل بشر بن الحارث عن رجل له زوجة وأمه تأمره بطلاقها، فقال: إن كان بر أمه في كل شيء، ولم يبق من برها إلا طلاق زوجته فليفعل، وإن كان يبرها بطلاق زوجته، ثم يقوم بعد ذلك إلى أمه، فيضربها، فلا يفعل.وقوله صلى الله عليه وسلم " «فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة» " يعني: أن الخير تطمئن به القلوب، والشر ترتاب به، ولا تطمئن إليه، وفي هذا إشارة إلى الرجوع إلى القلوب عند الاشتباه.وقوله في الرواية الأخرى: " «إن الصدق طمأنينة وإن الكذب ريبة» " يشير إلى أنه لا ينبغي الاعتماد على قول كل قائل كما قال في حديث وابصة: " «وإن أفتاك الناس وأفتوك» " وإنما يعتمد على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه.ومن هنا كان العقلاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل، وقد روي أن عمرو بن العاص سمعه قبل إسلامه يدعي أنه أنزل عليه: يا وبر يا وبر، لك أذنان وصدر، وإنك لتعلم يا عمرو، فقال: والله إني لأعلم أنك تكذب.وقال بعض المتقدمين: صور ما شئت في قلبك، وتفكر فيه، ثم قسه إلى ضده، فإنك إذا ميزت بينهما، عرفت الحق من الباطل، والصدق من الكذب.