11 سبتمبر 2025

تسجيل

يتحرى الصدق

26 يونيو 2015

إن الإيمان هو الخلق فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك بالإيمان، وحينما أثنى الله على رسوله قال: "إنك لعلى خلق عظيم"، حيث له مئات الخصائص المتميزة، لكن الذي يثني الله عليه هو كسبه الحقيقي وهو خلقه، والخلق هو انتصار على النفس، فالنبي صلى الله عليه وسلم بشر وتجري عليه كل خصائص البشر، فهو سيد البشر لأنه انتصر على نفسه، ولو أردت أن تعلم خصائص الأمة في عصور ازدهارها وحالها الذي لا تحسد عليه اليوم يتعلق بأخلاق الأمة، فمظاهر الإسلام الآن صارخة بشكل لا يصدق، مساجد ومؤتمرات ومكتبات ولقاءات وألقابا علمية، لكن الحب بين المؤمنين مفقود، فلذلك مكارم الأخلاق هي مؤشر على قوة الإيمان، ونحن في أيام شهر رمضان خير الشهور والذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، فأمرنا الله سبحانه وتعالى فيه بأن نتزود وخير الزاد التقوى.فدعانا الإسلام إلى مكارم الأخلاق وأمرنا بالتحلي بأحسنها، لذا فإن قيمة الصدق في حياة الإنسان قابلة للاكتساب، قابلة للتنمية والترسيخ عن طريق التدريب العملي، والذي يتحرى الصدق لا يسمح لنفسه بأن يلقي كلاما دون ترو ولا بصيرة، لأنه يحرص على الصدق ويتحرى بإرادته الجازمة الصدق في أقواله وأعماله. يجب على الجميع التواصي بالصدق والنصح وتقوى الله في جميع الأمور، لأن في ذلك سعادة الدنيا والآخرة وصفاء القلوب وصلاح المجتمع، فهو صادق مع نفسه ومع ربه ومع الناس، فالمسلم شخصيته اجتماعية تقف عند أوامر الله تعالى ونواهيه في السلوكيات عامة وكيفية المعاملة مع الناس، فمن هذا الأصل الكبير من أصول العقيدة الإسلامية تتفرع الأخلاق الاجتماعية التي يتحلى بها المسلم التقي المرهف في سلوكه، وعلى هذا الأساس المتين يقيم المسلم الصادق علاقاته الاجتماعية مع الناس، فهو صادق مع الناس جميعا، لأن هدي الإسلام الذي تغلغل في كيانه علمه أن الصدق رأس الفضائل وأساس مكارم الأخلاق وهو بالتالي يهدي إلى البر المفضي بصاحبه إلى الجنة، في حين يهدي الكذب إلى الفجور المفضي بصاحبه إلى النار، ومن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه يدعو إلى التحلي بعادة الصدق والحرص عليها كما يحذر من الكذب وينفر منه لكي يزرع في القلوب كراهية عادة الكذب فتكون عاملا مساعدا للتربية وتأصيل عادة الصدق في نفوس أفراد المجتمع المسلم. ذلك أن المجتمع الذي تسود فيه عادة الصدق تقوى فيه الروابط الاجتماعية وتحفظ الحقوق وتصان العهود، ومن هنا تظهر حاجة المجتمعات إلى التحلي بخلق الصدق والعمل على تنمية هذه القيمة وتعويد الأبناء وتدريبهم عليها في الأقوال والأفعال، فالإسلام دين القيم والأخلاق قد اهتم بتثبيت هذا الخلق في نفس إنسان يخلص إلى ربه، فكيف بك وأنت صائم وتكذب وهو يراقب تصرفات الوالدين مع الطفل وذلك لتجنب وقوع الوالدين في رذيلة الكذب على الطفل ويضع قاعدة عامة في الشرع الحنيف، فكل إنسان له حقوقه في الحرص على التعامل الإنساني معه، ولا يجوز للوالدين خداعه بأي وسيلة كانت، والتأكيد على تأصيل القيم والأخلاق في نفس الطفل من خلال السلوك العملي الذي ينتهجه الوالدان في تربيته.إن تربية الصدق في نفس الولد وفي نفس كل مسلم كان، رجلا أو امرأة، تؤدي إلى ضبط السلوك الفردي فتكفه عن الألفاظ والأعمال التي لا يقبلها المجتمع المسلم، كما تشجعه على القول السديد لكي يعيش في أمن مع أفراد مجتمعه، فيستطيع بذلك أن يكتسب محبتهم واحترامهم، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب على المسلمين الصدق والتناصح في جميع شؤون الحياة وحرم عليهم الكذب والخيانة وما ذاك إلا لما في الصدق والتناصح وأداء الأمانة من صلاح أمر المجتمع والتعاون السليم بين أفراده، فالصدق أساس الخلق الفاضل كما أن الصدق سبب لنهضة المجتمع وتقدمه وتماسكه، الصدق من أسباب البركة في المعاملات وأن الكذب والغش من أسباب محقها.