04 نوفمبر 2025
تسجيليحل علينا شهر رمضان المبارك شهر الرحمة والمغفرة والعتق من النيران، شهر رمضان الذي يفترض أن نستعد له بما يناسبه من عبادة وتراحم، ولكننا كالعادة نستعد له بالهجوم على الأسواق والمجمعات التجارية، لشراء كميات من المواد الغذائية تفوق حاجتنا الفعلية، ونهبّ للشراء كما لو أن المتاجر ستخلو من هذه المواد، إذا لم نسارع في اقتنائها وتخزينها في بيوتنا، والعادة التي تتكرر كل سنة ـ ومنذ أول يوم صوم ـ هي طهي كميات هائلة من الطعام تكفي قبيلة، فنأكل منها ما يجعل معداتنا وأجسادنا تنوء بثقل ما دخل بها، ثم سرعان ما يُلقى بالزائد من الطعام في مكبات القمامة، لتكمل القطط المؤدبة التي لم نُنهها بسلام، وهكذا تستمر بنا أيام رمضان المبارك كأننا عندما امتناعنا عن الطعام لساعات معدودة سنحرم من الطعام لأيامٍ وليالٍ طويلة، بينما لنا إخوان من بني جلدتنا هذه المرة (في سوريا والعراق واليمن وليبيا) يعانون بسبب النزاعات المسلحة من الجوع ونقص الطعام في مدنهم، المحاصرة بالدمار والموت، وأثناء نزوحهم وفي معسكرات اللاجئين، وفي دول الجوار، حيث يعاني أكثر من نصف السكان في سوريا واليمن وربع السكان في العراق من نقص الغذاء والدواء والماء الصالح للشرب، هذا بالإضافة للدول التي تعاني أصلاً من المجاعات، منذ عقود طويلة مثل دول القرن الإفريقي (الصومال وجيبوتي وأريتريا وإثيوبيا)، حيث يموت كل يوم منهم العشرات من الصغار والكبار. هؤلاء الناس الذين يعانون من الجوع ونقص الغذاء معظمهم مسلمون مثلنا، ويا للمفارقة الغريبة أن يرتبط شهر الصوم بنا بالتخمة، بينما يصوم كل يوم مسلمون مثلنا صوماً دائماً لا لغرض العبادة، وإنما ببساطة لأنهم لا يجدون طعاماً يسدون به رمقهم.ورمضان كريم.