14 سبتمبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); رغم فداحة "الجرم" فإنه مجرد حلقة في مسلسل جرائم.أتحدث ـ طبعا ـ عن حكم السلطات المصرية على صحفيي قناة "الجزيرة" بالسجن المشدد من 7 إلى عشر سنوات. في عدوان صريح على الحرية نفسها، أكدت ردود الفعل الصادرة إزاءه توضيح الحد الفاصل بين "أحرار" غضبوا بأوضح عبارة، وعبيد هم "ليسوا سواء" فأسوأهم صفق وهلل واعتبر الحكم انتصارا لظلمة نفسه على أنوار الكرامة، ومنهم من اكتفى بإظهار التبرير وإخفاء الفرح، وأمثلهم طريقة غمغم بنصف لسان مقترحا أنه كان من الأفضل ألا تصل الأمور إلى هذا الحد، وهو صنف لا يختلف عن سابقيه من حيث "الكيف" وإن بدا مختلفا فهو اختلاف في "الكم"، لكنه ـ كالآخرين ـ عبد لا يزيد، وكالآخرين لا يفهم: لماذا يغضب الأحرار كل هذا الغضب مع أن الأمر شديد الوضوح:• يغضبون لأن حرية الصحافة "خط مجتمعي أحمر" يعني تجاوزه أن لسان المجتمع قطع وعينه فقئت. وحرية الصحافة، أعزك الله، لا تقوم على أساس أن الصحفيين "على رأسهم ريشة" كما قال "حسني مبارك" ومن شابهه ديكتاتورية، لكنها تتأسس على حق المجتمع في المعرفة، وحقه في التعبير. حرية الصحافة ـ إذا ـ ليست للصحفيين وحدهم، لكنها حرية الشعب كله في أن يعرف الحقيقة، وأن يعبر عن آلامه وأحلامه ويشارك في بناء مجتمعه. وعلى الذين يشاركون في الانقضاض على حرية الصحافة، أو يتغاضون عنه، أن يتوقعوا مصيرا أسوأ، فهم ـ أيا كانت مهنتهم ـ معرضون للسجن والتنكيل بهم، إذا ما نشروا "شكوى" في بريد القراء!ويغضبون لأنه لا توجد تهمة أساسا، ولا يمكن أن تكون ممارسة المهنة جريمة "الصحافة ليست جريمة" كل ما هنالك أن المصور صور والكاتب كتب والمراسل بث التقرير، أي أنهم جميعا "راعوا أكل عيشهم" وحين يصبح أداء العمل المشروع جريمةً قل: على الدنيا العفاء.• ويغضبون لأن المحاكمة باطلة في أدلتها، غاشمة في إجراءاتها، إذ الأدلة عبارة عن تسجيلات من بينها أغنية الأطفال "بولا بولا" ومشاهد للفيلة في الغابات المفتوحة! بل بينها تسجيلات من قنوات أخرى!! وفي الإجراءات كان "التعسف" واضحا، ابتداء بالإقدام على حبس صحفيي الجزيرة احتياطيا، ثم بظروف هذا الحبس الاحتياطي نفسه، وأوضح "غشم" في الإجراءات هو إهمال طلبات الدفاع، ما يعني في العرف القضائي التسليم بها، ثم التنكر لهذا التسليم في صيغة الحكم!• ويغضبون لأن العقوبة بالغة القسوة، تعمدت أن تكون "مهينة" أيضا، لا لصحفيي الجزيرة فحسب، بل لكل الصحفيين في العالم، حيث يعني "السجن المشدد" الاحتجاز في "الليمان" مع عتاة المجرمين، وأداء الأعمال التي يكلف بها سجناء الليمان، وإن كانت تكسير الأحجار في الجبل!غضب الأحرار، أما العبيد، ومنهم صاحب دكان لحقوق الإنسان، فراحوا يتحدثون عن تفاصيل ـ إن صحت ـ لا تعني شيئا، مثل أن الصحفيين دخلوا مصر بتأشيرة سياحة لا تأشيرة عمل، والرد ـ ببساطة ـ وهل تستدعي هذه المخالفة متناهية الصغر حبسا احتياطيا ثم سجنا مشددا؟غضب الأحرار، ولم يلتفت العبيد إلى أن الجرم المرتكب في حق صحفيي الجزيرة يأتي في سياق مطرد من الجرائم المماثلة، التي طالت بعض أبرز مساندي الانقلاب، بل صناعه، مثل "علاء الأسواني" الذي أعلن توقفه عن الكتابة لأنه لم يعد مسموحا إلا لصوت واحد، و"بثينة كامل" التي أوقفوها عن العمل وشهروا بها لسبب تافه، لو أنه ذكر في عهد الرئيس "محمد مرسي" لانفجر في وجهه بركان المزايدات قبل الغضب المستحق. ومثل "بلال فضل" الذي أعلن منع عرض مسلسله بضغوط أمنية.غضب الأحرار، لأن الأحياء يغضبون حين يستغضبون، أما العبيد فميتو النخوة والضمير، والموتى يبعثهم الله.