02 نوفمبر 2025

تسجيل

نهر الرحمات

26 يونيو 2014

خلق الله الخلق ووهبهم الحياة وجعل الانسان معلقا بين الحياة والموت يعيش بنفس يتردد فجعل للانسان وقتا محددا وعمرا معدودا، والحياة فى البدء والمنتهى بيد الله وحده، يقضى بما يشاء ويحكم ما يريد بيده الأمر يهب الحياة للأحياء ويسلبها متى يشاء يفعل ما يريد ويحكم بما يكون ولا يكون الا ما أراد، لذا فقد أمر المسلم أن يستغل أوقات عمره فى اخلاص العبادة لرب البرية، وان فى انقضاء الأيام ومرور الأعوام عبرة للانسان بأن هذه الدار فانية وأنها سريعة الانقضاء وقريبة الزوال، فعلينا أن نبادر بالأعمال الصالحة قبل فوات الأوان، وأن نحذر التسويف حتى لا يكون هناك ندم وخسران فى يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم، فأيام الله تعالى دول وها نحن بين طيات الزمن الذى يمر بنا مر السحاب، واننا فى هذه الأيام المباركة المقبلة يستعد المسلمون بقلوبهم وابدانهم لاستقبال ضيف كريم يأتى فى العام مرة.انه شهر رمضان خير شهور السنة افضل أيام الله الحسنة بعشر أمثالها وتضاعف الى سبعمائة ضعف فليكن التنافس فى أعمال الخير والبر، فهل أدرك هؤلاء الذين يسر الله لهم العيش لحضور رمضان هذا وهم فى أتم الصحة والعافية قيمة هذه الفريضة الربانية وعرفوا ما لهم وما عليهم فتخلصوا من الحقوق ورد المظالم الى أهلها وتطهير القلوب واستعدادهم للتخلص من الذنوب والآثام فعزموا على السباحة فى هذا النهر العذب الجارى نهر الرحمات والبركات والسعى الى رب السموات والتضرع اليه بقبول التوبة واخلاص العمل لله تعالى، والسير فى روضة الرحمن الرحيم التى لا تذبل زهرها ولا ينفذ رحيقها، فان الذنوب والمعاصى تحجب المرء عن نور الله من علم وهدى ومعرفة فيكون عنصرا سيئا فى المجتمع فلا يفيد المجتمع وتكثر الفواحش والرذائل التى تفتك بالمجتمع المسلم ولكن لابد أن يسعى كل مسلم لاصلاح نفسه وابعادها عن خطر المعصية فيستفاد بنور الله من علم وهدى ويفيد مجتمعه الذى يعيش فيه، لذلك لابد أن تعلم أنه لم يفتح لك بابا اذا أغلق الله باب رحمته وتوبته فى وجهك وتوقع حينها كل أمر يحدث لك.ولاتكن مثل كثير من الجهلاء الذين اعتمدوا على رحمة الله وعفوه وكرمه فعصوا أمره ولم يجتنبوا نهيه ونسوا أنه شديد العقاب، وانه لا يرد بأسه عن القوم المجرمين، فعلى قدر نقاء السريرة وسعة النفع تكتب الأضعاف، وليس ظاهر الانسان ولا ظاهر الحياة الدنيا هو الذى يمنحه من الله رضوانه، فان الله تبارك وتعالى يقبل على عباده المخبتين المخلصين،فان المـؤمن ليس معصوما من الخطيئة وليس فى منأى عن الهفوة والزلة،وليس فى معزلٍ عن الوقوع فى الذنب فعن أبى هريرة رضى الله عنة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: (والذى نفسى بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم) فلا بد أن نعلن الحرب على الذنوب والمعاصى والآثام، فبادروا واستقبلوا الخيرات أيها الاخوان ولا تتواكلوا وسارعوا ولا تتأخروا، فان كان حب الدنيا يعوقكم فلا بد من الرجوع الى الله فيا خيبة من ضيع منه الليالى والأيام، ويا حسرة من انسلخ عنه الهدى بقبائح الآثام، ويا خسارة من كانت تجارته فى الذنوب، ويا ندامة من لم يتب الى علام الغيوب، فلابد أن يعلم مهما كانت ذنوبه عظيمة فان الله يغفرها جميعا ما لم يشرك به وليعلم أيضا أن الحسنات يذهبن السيئات فلا بد وان يتأشح بحسام التوبة ويملأ نفسه ثقة ورجاء بعفو الله.ان الذى يدرك صفات الله وأسماءه وآلاءه ونعماءه يحصل له فى قلبه معرفة حقيقية بالله العظيم الرحيم الرؤوف الغفور سبحانه وتعالى فهو معرفة قدرته مع عبده الضعيف المذنب يدعوه ويرجوه الى أن يتوب الى علام الغيوب،فيا له من فضل عظيم من رب كريم وخالق رحيم أكرمنا بعفوه وغشانا بحلمه وهدانا ووفقنا لأسباب التوبة والأوبة، ألم تحن اللحظة لك أيها المسلم الى أن تتوب وتؤب ونفتح صفحة جديدة ناصعة البياض مشرقة بفعل الطاعات والقربات لرب الأرض والسموات وتتعلق بأستار المساجد وتقف على أعتابها متضرعا الى الله تائبا مستغفرا، ولتبدأ فى صومك كما ولدتك أمك حرا طليقا من أسر الهوى نظيفا من الذنوب والآثام، فهيا معا نركب ركب المستغفرين الى ديار التائبين قبل فوات الأوان فمن أشرقت له بدايته أشرقت نهايته ومن صدق مع الله فى توبته صدق الله معه ووفقه لحسن الخاتمة فينبغى مراعاة حرمة هذه الأشهر لما خصها الله به من المنزلة والحذر من الوقوع فى المعاصى والآثام تقديرا لما لها من حرمة، وابدأ شهرك ببدن طاهر وقلب نظيف وعمر وقتك بالذكر وليلك بالقرآن تفوز برضا الرحمن.