16 سبتمبر 2025

تسجيل

تحديات البنية التحتية الخليجية

26 مايو 2013

حققت دول مجلس التعاون الخليجي في العقود الثلاثة الماضية طفرة في تطور البنية التحتية بشقيها الصلب والناعم، مما أسهم في توفير الأرضية اللازمة للنمو الاقتصادي وتحقيق معدلات نمو مرتفعة، حيث ركزت الاستثمارات الحكومية الكبيرة على مشاريع البنية التحتية بصورة أساسية. ولم يكن من السهل تلبية الارتفاع الكبير في الطلب على مرافق البنية التحتية والذي تجاوز 10% سنويا في بعض الخدمات، كخدمات الطاقة الكهربائية والمياه والتي تضاعف الطلب عليها أكثر من ثلاثة أضعاف في العقود الثلاثة الماضية، إلا أن دول المجلس استطاعت تلبية ذلك بمرونة ملفتة للنظر. ومع الزيادة المستمرة للسكان، وبالأخص الأيدي العاملة الوافدة والناجم عن النمو السريع للاقتصادات الخليجية، حيث دخل سوق العمل الخليجي 2.5 مليون عامل جديد في العام الماضي 2012، فإن هناك تحديات جدية تبرز فيما يتعلق بتلبية خدمات المرافق الأساسية، وبالأخص في مجال الطاقة والمياه والإسكان والخدمات الصحية والتعليمية. وإذا كانت دول المجلس قد تمكنت من حل هذه المسائل بفضل المشاريع الضخمة التي نفذت، فإن نسبة ارتفاع الطلب على الخدمات في السنوات القادمة سوف تفوق النسب في العقود الماضية، في الوقت الذي أصبحت القضايا المتعلقة بالطاقة والخدمات أكثر تعقيدا بسبب ارتفاع التكاليف والعواقب البيئية، وذلك بالإضافة إلى الخلل الذي يمكن أن يصيب بعض المؤشرات الاقتصادية، كالعجز في التجارة غير النفطية، حيث ذكرت صحيفة "صندي تايمز" أن دول الخليج تعاني من عجز في المواد الغذائية تصل قيمته إلى 40 مليار يورو، وهو مرشح للارتفاع إلى 90 مليار يورو خلال السنوات الخمس المقبلة. أما في مجال خدمات البنية التحتية، فإن هناك بعض الدلائل التي بدأت تظهر في الآونة الأخيرة والتي تشير إلى الضغوط المتزايدة على هذه الخدمات، إذ لأول مرة يمكن مشاهدة طوابير الانتظار في محطات التزود بوقود السيارات في دول المجلس، إذ تبين الإحصاءات أن هناك 2500 سيارة جديدة تنزل شوارع دول المجلس يوميا أو ما يعادل مليون سيارة سنويا تقريبا، وهو ما يشكل زيادة كبيرة سوف ينجم عنها العديد من التحديات. وتبذل دول المجلس جهودا مضنية للإسراع في تنفيذ العديد من المشاريع الإستراتيجية للتخفيف من الضغوط المتزايدة على مرافق البنية التحتية، كمشروع مترو أبوظبي والدوحة والرياض، وذلك إضافة إلى السكك الحديدية والقطار الخليجي، كما أن معظم دول المجلس وضعت برامج لإنتاج الكهرباء بالطاقة النووية، حيث دخلت بعض هذه المشاريع حيز التنفيذ، كما هو الحال في دولة الإمارات والمتوقع أن يبدأ إنتاج الطاقة الكهربائية من هذه المحطات بعد أربع سنوات من الآن، وذلك بالإضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية. لقد كانت العلاقة النسبية بين الزيادة السكانية وإقامة مشاريع البنية التحتية متقاربة في السنوات الماضية، إلا أن المؤشرات الحالية تبين وجود إمكانية لاختلال هذه النسبة وتكون فجوة في السنوات القادمة بين العرض والطلب على خدمات البنية التحتية، بحث يصبح الطلب على الخدمات أعلى من قدرة المرافق العامة على تلبيته، مما سيترتب عليه بعض المصاعب التي لابد من وضع تصورات عملية لإيجاد حلول لها وتفادي إمكانية تفاقمها للمحافظة على مستوى الخدمات الراقية التي يتمتع بها سكان دول المجلس في الوقت الحاضر.