12 سبتمبر 2025

تسجيل

دور قطر الحاسم والعادل مطلوب من الجميع

26 أبريل 2024

في عددها الأخير اختارت مجلة (تايم) الأمريكية الشهيرة 100 شخصية من مختلف القارات والاتجاهات صنفتهم كأكبر مؤثرين في مجال العلاقات الدولية والأوفر حضورا في المحافل الدبلوماسية، ومن بين هذه الشخصيات نجد اسم معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية. وفي قراءتنا لأسباب هذا الاختيار نكتشف أن الوسام وشحت به المجلة في الحقيقة صدر دولة قطر بأكملها وقيادتها، لأن قيادة الدولة هي التي توجه الجهود الدبلوماسية وتحدد السياسات الحكيمة على أسس الشرعية الدولية والقانون الأممي وآخر هذه المواقف وساطة دولة قطر لوضع حد لحرب الإبادة وتمكين الشعب الفلسطيني من حقه المشروع في دولة وأمن وسيادة وهو ما أكده معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني حين قال إن دولة قطر أكدت منذ البداية التزامها بأن تسهم الوساطة القطرية بين حركة حماس وإسرائيل بشكل إيجابي وبناء وان تجسر الهوة بين الأطراف لإيقاف الحرب، موضحا معاليه أن هناك محاولات إساءة لدور قطر في الوساطة لبحث وقف دائم لإطلاق النار في غزة من قبل سياسيين يريدون خدمة مصالحهم، وهناك استغلال وإساءة للدور القطري وهذا مرفوض. وقال معاليه خلال مؤتمر صحفي عقد الأسبوع الماضي مع سعادة السيد (هاكان فيدان) وزير خارجية الجمهورية التركية: إن دولة قطر انخرطت في عملية المفاوضات من منطلق إنساني ووطني لحماية الأشقاء الفلسطينيين وتحاول مع الشركاء في هذه الوساطة مثل الولايات المتحدة ومصر تقديم المقترحات وهناك تقييم من قطر لعمل الوساطة وكيفية انخراط كل الأطراف. **وأضاف معاليه: «المسألة للأسف أخذت شهورا طويلة والخلافات كانت واسعة دائما نعمل بشكل وثيق مع شركائنا في هذه الوساطة سواء مصر أو أمريكا لتقديم مقترحات على أساس بناء وفي النهاية دور الوسيط هو دور محدود وله حدود لا يستطيع تقديم أشياء الأطراف نفسها تمتنع عنها وتابع قائلا: « تمر المحادثات بمرحلة حساسة وفي مثل هذه المرحلة الدقيقة يجب أن تسفر هذه المحادثات عن إطلاق سراح الرهائن وإيقاف الحرب وهذا ما نسعى إليه منذ اليوم الأول ولكن للأسف رأينا هناك إساءة لاستخدام هذه الوساطة وتوظيفها لخدمة مصالح انتخابية ضيقة وهذا استدعى من دولة قطر ان تقوم بعملية تقييم شامل لهذه الوساطة، مؤكدا أن هناك مزايدات سياسية كبيرة من بعض السياسيين أصحاب مصالح ضيقة يحاولون أن يقوموا بحملاتهم الانتخابية من خلال الإساءة لدور قطر». ** وشدد معاليه على انه من غير المقبول بأن يقال شيء في الغرف المغلقة بينما في العلن يطلقون تصريحات هدامة لا تسهم في إيجاد الحل بشكل إيجابي وقال معاليه: «نحن ملتزمون من هذا المنطلق الإنساني ولكن هناك حدودا لهذا الدور وحدودا للقدرة التي نستطيع أن نسهم فيها بشكل بناء وسنتخذ القرار المناسب في الوقت المناسب حيال الوساطة». كما أشار إلى انه قبل التصعيد الإيراني دخلت قطر في اتصالات مكثفة مع الطرفين لاحتواء التصعيد. مضيفا: «ولا نعرف بعد إذا ما سيتم احتواء التصعيد أم انه سيخرج عن السيطرة وهو أمر غير معروف لكن ما نسمعه على الأقل من الأطراف انه ليس هناك من يرغب بتوسع النزاع»، مؤكدا أن حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى على تواصل مع القيادات العربية في دول مجلس التعاون ودول المنطقة لأهمية هذه الفترة الحساسة ليتم التنسيق المكثف بين القادة لتوحيد المواقف وهذا ما شهدناه من كافة القادة الذين تواصلنا معهم». كما ذكر معالي رئيس مجلس الوزراء انه بحث مع وزير الخارجية التركي التصعيد في المنطقة وتناولت المشاورات ضرورة خفض التصعيد الى جانب الشراكة الإستراتيجية والعلاقات الثنائية بين البلدين والتنسيق المستمر فيما يخص القضايا الإقليمية والدولية. وبين معاليه أن هذه الزيارة تأتي والمنطقة تمر بظروف حساسة وخصوصا التصعيد الأخير الذي تمر به المنطقة، وشدد على ضرورة احتكام الأطراف إلى خفض التصعيد ولغة العقل والحوار وحل القضايا بالمنطق والتفاوض وليس بلغة السلاح والعنف، قائلا اننا قمنا في الفترة الأخيرة باتصالات مكثفة مع كافة الأطراف طبعا التنسيق بين قطر وتركيا هو تنسيق قائم ومستمر ونحن نقدر ونثمن المواقف التي تتبناها الجمهورية التركية الشقيقة وخصوصا فيما يخص دعم الإخوة الفلسطينيين. ** وشرح معالي الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أصول الموقف القطري الثابت فقال: «إنه في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على أشقائنا الفلسطينيين في الضفة الغربية تؤكد قطر على أهمية أن يرتقي المجتمع الدولي لمستوى مسؤولياته وأن يضع حدا لهذه الحرب وهذا التصعيد والاستفزازات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي ضد أشقائنا الفلسطينيين، مؤكدا أن هذه الأزمة ستبقى مفتوحة طالما لا يوجد هناك حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية بإقامة الدولة الفلسطينية حسب قرارات الشرعية الدولية على حدود 67 وعاصمتها القدس الشرقية، مبرزا تقدير وتثمين قطر للدور التركي وأهميته في هذه المرحلة بالنسبة للمنطقة. ** ونجد في رد وزير خارجية تركيا نفس العزم فيما يتعلق بالتنسيق القطري التركي لمنع التصعيد في المنطقة، حيث قال إن هناك آلية تنسيق مكثفة بين الدوحة وأنقرة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية خاصة على الصعيد السياسي، موضحا أن قطر تلعب دورا مهما في المفاوضات لوقف إطلاق النار ووقف التصعيد في المنطقة. ومن الطبيعي ألا يروق الدور القطري الفعال لمن انحازوا للباطل الإسرائيلي المارق عن الشرعية الدولية ومن بين هؤلاء القلائل عضو الكونغرس (ستيني هوير) الذي نشر منشورا على موقعه الرسمي تضمن العديد من المغالطات حول حماس وإسرائيل والدور الذي تلعبه قطر في الأزمة مطالبا دولة قطر بتأمين نتيجة مرضية لإسرائيل في نهاية المطاف!!! وردّت السفارة القطرية في واشنطن على منشور النائب الأمريكي مشيرة الى استغرابها استخدام النائب لغة التهديد موضّحة أن نتيجة التفاوض تقع على عاتق الطرفين المنخرطين مذكّرة إياه بطبيعة العلاقة القطرية- الامريكية التي قدرها جميع المسؤولين في الغرب. مع العلم أنه ليست المرّة الأولى التي يتم توجيه مثل هذه الاتهامات إلى قطر خلال الحرب الإسرائيلية على غزّة، ففي الأشهر الأولى من الحرب، أدلى عدد من أعضاء الكونغرس، والمسؤولين السابقين والأفراد الموالين لإسرائيل في واشنطن بسيل من التهديدات ضد قطر إذا لم تقم بتأمين التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل أو بالأحرى إجبار حماس على التنازل لإسرائيل وتلبية جميع مطالبها. كما ضغط هؤلاء على البيت الأبيض لكي يتّخذ إجراءات ضد الدوحة لضمان التوصّل الى نتيجة مرضية لنتنياهو. ** حاولنا أن نجد صدى هذا الوضع الراهن في الصحافة الإسرائيلية نفسها فلم نعثر على أفضل مما كتبه المحلل السياسي في صحيفة «هآرتس» (تسيفي بارئيل) وهو من أشد معارضي نتنياهو: من أن تنفيذ قطر لتحذيرها من شأنه توجيه ضربة خطيرة للمفاوضات وفرص إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين وذلك ليس فقط لأن الدوحة تتمتع بحضور كبير في قطاع غزة بل لأنها أيضا تمكنت من خلق ديناميكية فريدة في المفاوضات وأدت الوساطة القطرية إلى إطلاق سراح عدد من المحتجزين الإسرائيليين في نوفمبر الماضي كما أنها توفر قناة مفتوحة بين حماس والولايات المتحدة وحذرت الصحيفة من أن تراجع دور الوساطة القطرية من شأنه أن يوجه ضربة قاسية للمفاوضات وللسلام في المنطقة.