12 سبتمبر 2025
تسجيلاستخدام الشباب العربي للشبكات الاجتماعية يوفر بلا شك مساحة وفضاء واسعا للتعبير عن الذات والفكر بحرية لا يتمتعون بها في الواقع، ولكن هل يتم ذلك وفقا لأقيسة وضوابط تراعي الخصوصيات وتمنع الانسلاخ من القيم الطبيعية التي نتعامل بها في واقعنا؟ دخول هؤلاء الشباب إلى عالم افتراضي لا يخوّل أصالة أن يعبروا عن كل شيء ويقولوا كل شيء، ذلك أشبه بأن تتحول مواقع مثل "تويتر" و"فيسبوك" إلى مذابح للإنسانية، خاصة أن كثيرين يدخلون بأسماء مستعارة للتعبير عما في أنفسهم، يستوي في ذلك المثقف والذي ينتمي إلى العامة.لا يمكن أن تكون الشبكة الاجتماعية خالية المضمون الفكري إلى الحد الذي يسمح بعدم احترام الآخرين، ذلك ينتج خللا في بنيتنا الاجتماعية والسلوكية، دوما هناك حدود لأي حرية موهوبة أو مكتسبة، ولا يمكن تعديها لمجرد أن الطرف الآخر الذي يحادث هنا وهناك يبقى مجهولا، فذلك ليس هدف الشبكات الاجتماعية أن تنتج أجيالا وأفرادا جبناء يعملون بمبدأ "اضرب واهرب" لأن ذلك يستوي مع قوانين الطبيعة "لا عقاب وإنما عواقب" وحتى العواقب مأمونة طالما الشخص باسم مستعار ومجهول.إساءة استخدام المواقع الاجتماعية تبدو حالة أو عادة عربية بامتياز، فيمكن لكل شخص أن يعبّر عن نفسه وفكره وآرائه بحرية ولكن في حدود المعقول والمناسب اجتماعيا ووطنيا، ولسنا بحاجة إلى هويات مستترة بقدر ما نحتاج الوضوح حتى ولو تم دفع أثمان تناسب التعبير الحر عن الرأي، ولكن دون تجنّ أو قذف أو إساءات، لأنه طالما تمتع المغرد أو الكاتب في "فيسبوك" بالموضوعية فإنه ينجح في تقديم رؤية مستنيرة وفكر يضيف للآخرين، سواء أفرادا أو في أجهزة ومؤسسات عامة.لبس طاقية الإخفاء في المواقع الاجتماعية لا يعبر عن رأي حر وإنما يقدم طفحا غير مسؤول ولا يضيف شيئا لتطوير الواقع وإنما يعكره ويسيء للمجتمع، وإذا كان هناك من يهرب من رقابة أبوية أو اجتماعية أو سلطوية، فلا يعني ذلك أن يتحوّل إلى وحش غير أخلاقي أو ساقط يعزز التنابذ والتفرقة بين الناس ويقذفهم، ولذلك نحتاج إلى رقابة ذاتية قبل تفعيل رقابة النشر والمحتوى الإلكتروني لأن أي عمليات إصلاح أو ممارسة نقدية لا بد أن تتم بتوافق أخلاقي يستند إلى قيمنا الاجتماعية والدينية، وليس أن تتحول المواقع الافتراضية إلى ساحات تباعد وإساءات يأمن فيها المسيء.