27 أكتوبر 2025

تسجيل

مقاطعة إيران

26 أبريل 2012

هذه ليست بفتوى أفتاها عدد من كبار العلماء ولا هيئة علماء المسلمين ولا بقرار اتخذته رابطة العالم الإسلامي ولا منظمة المؤتمر الإسلامي أو غيرها من المؤسسات والاتحادات الإسلامية العالمية ولا هو بقرار سياسي اتخذته مجموعة أو منظومة أو إحدى دول العالم العربي والإسلامي رغم رغبتي الشخصية في تحقيق ذلك كله في أسرع وقت ممكن وإنما هو طرح لفكرة هامّة وموضوع ضروري يجب أن يُطرح بجديّة وأن تتم مناقشته بشكل سريع وفعّال. فكرة "مقاطعة إيران" مقاطعة اقتصادية جماعيّة من جميع دول الخليج العربية تحديداً ومن جميع دول العالم الإسلامي بشكل عام هي فكرة لا تخرج عن فكرة الحصار الاقتصادي الذي فرضته الدول الكبرى على إيران نتيجة مضيِّها بسريّة تامة في برنامجها النووي المقلق للعالم بأسره والذي – أي الحصار – يأتي ويروح حسب حاجة الدول الكبرى منه للضغط على إيران كورقة ضغط عليها كي تقدّم تنازلات أو تغييرات ترضى بها الدول الكبرى ويطمئن لها المجتمع الدولي، وهو في الغالب كذلك – أي الحصار – ما يكون ناقصاً غير مكتمل وغير جماعي من كل الدول الكبرى حيث في الغالب ما تعترض عليه روسيا والصين في مقابل الولايات المتحدة الأمريكية التي تقود الجبهة الغربية في هذه المسألة فتستمر في حصارها الاقتصادي رغم اعتراض تلك الدول الكبرى المؤيدة والحليفة لإيران في كثير من المواقف السياسية كقضية سوريا الآن، ولقد أجدى فعلاً هذا الحصار الاقتصادي – من وجهة نظر الأمريكان – حيث قام بإرضاخ إيران لمجموعة من التنازلات في مسألة البرنامج النووي بينما ترى إيران عكس ذلك فهي تجده غير مجدٍ وغير مؤثرٍ فيها لأنها تزداد معه اعتماداً على نفسها اقتصادياً ويساهم في تطور الصناعات الإيرانية في كل المجالات بدءاً بالصناعات الثقيلة وانتهاءً بالخفيفة خاصة مع وجود حلفاء يُعتمد عليهم كروسيا والصين اللتين تساندان وتدعمان إيران في شتى مجالات التعاون الاقتصادي، لذا فهذا الحصار الاقتصادي السابق أو الحالي "المقترح" من الدول الغربية لوقف البرنامج النووي إنما هو بمثابة "حقنة التطعيم" لإيران والتي تزيدها مناعة في مواجهة ما تشاء ومن تريد. أعود لفكرة مقاطعة إيران والتي يجب أن تُطرح بجديّة سواء من قِبَل الدول الخليجية أو من دول العالم الإسلامي أو حتى على المستوى الشعبي من خلال فتاوى جريئة لمجموعة أو أحد كبار العلماء في العالم الإسلامي لا من أجل البرنامج النووي وإنما من أجل "إخواننا في سوريا" أفلا يستحقون منا هذه النصرة لقضيتهم وهذا التأييد لمأساتهم التي عانوا منها لأكثر من عام كامل وهم يُقتّلون ويُذبّحون بكل وحشية من قبل النظام السوري المجرم والذي أيدته ونصرته إيران بكل ما أوتيت من قوة ودعمته بكل ما تملكه من أسلحة وأموال وجنود لا يمكن أن تنكره إيران ولا أن تتبرأ منه فالشواهد كثيرة والأدلة عديدة يستطيع كل مشاهد أن يراها في غضون دقائق بسيطة يقضيها أمام مواقع الإنترنت أو أمام القنوات الفضائية. عندما قررت الدول العربية مجتمعة سحب سفرائها في سوريا والبدء في مقاطعة النظام السوري اقتصادياً في بداية الثورة السورية المباركة والتي كانت كورقة ضغط اتخذتها بعض – وليس بإجماع - الدول العربية ضد النظام السوري لمنعه من الاستمرار في قمع شعبه وقتلهم بوحشية لم يشهد لها التاريخ البشري مثيلاً، هذه المقاطعة التي لم تكن جديّة لدى البعض ولا بذات فائدة لدى البعض الآخر من المُحَبّطين أو البائسين اليائسين من الدول العربية الهزيلة في مواقفها السياسية تجاه قضية سوريا. وقد يقول قائل "كيف نقاطع دولة إسلامية" أو عضو في منظمة المؤتمر الإسلامي أو غيرها من المبررات الواهية فنقول له بكل عقلانية: أليست سوريا دولة إسلامية كذلك وطالبت الدول العربية بمقاطعتها اقتصادياً؟ إذن فالمقاطعة ليست بإعلان "حالة الحرب" على هذه الدولة أو تلك، وإنما هو موقف سياسي يتخذ من الموقف الاقتصادي "وسيلة" للوصول إلى غاية أعظم وأكبر، وإلّا فمصر وتونس وليبيا واليمن جميعها دولٌ إسلامية ولكن أنظمتها هي التي كانت تمارس الإجرام تجاه شعوبها الأمر الذي جعلها بعيدة عن الإسلام في تلك الأفعال التي يتبرأ منها ديننا الإسلامي العظيم ويتبناها الطغاة في كل وقت وحين سواءً كانوا في دولة إسلامية أو غير إسلامية. أعود لأكرر وأقول، ألسنا بحاجة قصوى للضغط على إيران الداعمة للنظام السوري المجرم كورقة ضغط عليها لمشاركتها في قتل وذبح الشعب السوري قبل أن يكون بسبب احتلالها جزراً أو أراض خليجية، فقتل امرئ مسلم أعظم عند الله من "هدم الكعبة"، إذن فمطالبتنا بذلك ليست نصرة لقضية أراض محتلة – رغم أهميتها – وإنما نصرة لإخوة لنا مسلمين في سوريا. ثم إن مسألة مقاطعة إيران اقتصادياً قد تفتح لنا ملفاً آخر وهو ضرورة دعم الدول المشابهة لنا في مواقفها العادلة كموقف تركيا الرائع في كل الثورات العربية السابقة وفي سوريا تحديداً حيث أظهرت تركيا البلد الإسلامي العظيم موقفاً رائعاً إلى جانب بعض الدول العربية في نصرة إخوانهم من الشعب السوري المسلم، أفلا تستحق تركيا بعد تلك المواقف البطولية النبيلة أن ندعمها اقتصادياً أكثر من ذي قبل وأن نغرق أسواقنا بالمنتجات والصناعات التركية كخطوة "شكر وامتنان" كي تصب أموالنا في مصلحة اقتصاد دولة مسلمة عظيمة كتركيا التي نحبها جميعاً. إن "دماء وأرواح" إخواننا في سوريا "لا تهون" علينا لهذه الدرجة وليست برخيصة كذلك كي نتهاون في شأنها وإنما "غالية" عندنا و "أغلى" من بضاعة أو تجارة مع نظام مؤيّد للنظام السوري المجرم والطاغية "قاتل الأطفال" بشّار الجزّار، ولو كان في مقابل ذلك إغلاق نصف أو كل محلات "سوق واقف" عندنا أو لأسواق خليجية أخرى مثلاً، فأرواح إخواننا أغلى بكثير ولنتخذ من تلك المقاطعة "وسيلة" للضغط في قضايا أخرى تهمّنا كقضية "عرب الأحواز" أو "الجزر الإماراتية" وغيرها، و"ربّ ضارة نافعة" فنجتهد كثيراً في تطوير صناعاتنا ومنتجاتنا الخليجية ففي التحدي يكون الإنجاز لا في الاعتماد على الآخرين.. إذن دعونا جميعاً " نقاطع إيران " نصرة لدماء وأرواح إخواننا في سوريا قبل كل شيء آخر.. فهل من مؤيّد؟