11 سبتمبر 2025

تسجيل

مهرجان الجزيرة.. محنة في 4 دقائق؟!

26 أبريل 2011

كنت خلال الأيام الماضية في زيارات متعددة لفندق شيراتون الدوحة للاطلاع على النسخة السابعة من مهرجان الجزيرة الدولي للأفلام السينمائية. انعقد المهرجان هذه السنة تحت شعار "الحوار". وقد وفقت الهيئة التنظيمية في اختيار الشعار، وهو ما يرمز لمتطلبات الحقبة الحالية من حوار بالكلمة وبالصورة بين مختلف الفئات والأطراف، حكاما ومحكومين، وبين الرؤساء والشعوب وبين أقطاب الدين والحضارات. كان المهرجان كعادته متألقا بالعدد الكبير من الأفلام والشركات والمشاركين والزوار. إلا أنني رأيته هذه السنة متميزاً بعدد كبير من الحضور القطري من الشباب والشابات في مقتبل الاعمار، وإشرافهم على كثير من الفعاليات وخاصه المركز الإعلامي. وكانوا كالنحل يعج في هذه الخلية الكبيرة. كانوا يتتبعون الشخصيات المشاركة أو الزائرة للمهرجان بأقلامهم وكاميراتهم وميكرفوناتهم، ليأخذوا تصريحا أو كلمة أو انطباعا عن المهرجان وفعالياته. كانوا بحق شبابا تفتخر بهم دولة قطر. كانت المشاركات — كالعادة — كثيفة بعدد 285 فيلما، منها 57 فيلما طويلا و108 أفلام متوسطة و86 فيلما قصيرا و34 فيلما من الأفلام الواعدة من عشرات الدول العربية والعالمية. وكانت مشاركة قطر بإنتاج 18 فيلما متصدرة بذلك الدول العربية المشاركة، أغلبها من إنتاج قناة الجزيرة واللجنة المنظمة لاحتفالات اليوم الوطني. وكان أطولها فيلم مدته 68 دقيقة بعنوان "أبناء البحر" يحكي قصة 10 شباب قطريين يبحرون حول قطر على متن سفينة شراعية قديمة ليتعلموا عادات الإبحار المتوارثة عن الأجداد، وأقصرها فيلم بعنوان "العاصفة الكبرى لسنة 1925" ومدته 4 دقائق فقط، ويحكي قوة وصمود الشعب القطري أمام محنة العاصفة الكبرى التي أغرقت العديد من سفن الغاصة في ما يعرف الآن لدى أهل الخليج بـ "سنة الطبعة" التي غرق فيها أكثر من 5000 شخص. ولا اعتقد أن محنة بذلك الحجم يمكن ان تختصر في 4 دقائق فقط لدى الاخوة المسؤولين في اللجنة الوطنية لاحتفالات اليوم الوطني التي انتجت الفيلم!! وكان مهرجان هذه السنه زاخراً بمشاركة كبيرة لأفلام قطرية من إنتاج طلاب الجامعات القطرية، إذ شاركوا بـ 12 فيلما من فئة الأفلام الواعدة، كان نصيب جامعة قطر منها 8 أفلام وجامعة نورث ويسترن 4 أفلام. وقد لفت انتباهي فيلم "بسمة أمل" من إخراج الطالبة دانة مراد (جامعة قطر)، ويحكي الفيلم قصة يوسف المهندي الطالب بمركز الشفلح لذوي الاحتياجات الخاصة، وما هي ردة فعل اهله عندما علموا بأنه يعاني من متلازمة داون وكيفية تكيفهم مع الوضع. يعيب هذا المهرجان كثافة الأفلام المعروضة وتداخل المواقيت حتى ان الشخص يتوه من أين يبدأ وأين ينتهي، وفي كثير من الاحيان لا تتناسب مواعيد العرض مع مواعيدك. فالمهرجان مدته 4 أيام والأفلام 285 فيلما بمجموع ساعات 192 ساعة، واذا افترضنا حاجتنا لمشاهدة ربع هذه الأفلام فإننا سنحتاج لـ 6 أيام بواقع 8 ساعات يوميا للقيام بذلك. وهذه مشكلة أزلية في هذا المهرجان منذ انطلاقه قبل 7 سنوات. كما أن الندوات المصاحبة للمهرجان تعتبر إضافة لايوجد لها حيز من أوقات المشاركين. واقترح على الهيئة التنظيمية للمهرجان، بالإضافة لما يتم عرضه في قاعات المهرجان، أن تطور فكرة "الأفلام تحت الطلب" كما هو معمول به في البرامج الترفيهية في الطائرات، وذلك بإيصال الأفلام بـ 50 أو 60 شاشة صغيرة، يستطيع من يرغب في رؤية فيلم معين أن يشاهده متى شاء. وهي بذلك ستقدم للمهرجان والمشاهدين خدمة جليلة في استمتاعهم بأكبر قدر من الأفلام الجيدة. كما اقترح على اللجنة المنظمة اختيار فيلم معين ذي رسالة هادفة ليتم تعميمه للمشاهدة في مدارس قطر وخاصة جيل المدارس الابتدائية بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم. إذ أن الأفلام لها تأثير كبير في تكوين شخصية وفكر الأطفال في سن مبكرة. والفيلم أفضل رسالة يمكن أن تبعثها لعقول وقلوب الأطفال. وأذكر عندما كنا طلابا، أن وزارة التربية والتعليم كانت تعرض الأفلام في المدارس الابتدائية والاعدادية والثانوية، أذكر منها فيلمين لا أزال اتذكر تأثيرهما علينا. الأول كان عن تشريح كبد سوداء لمدخن سجائر ومقارنتها بكبد وردية اللون سليمة من التدخين، وهو ما دفعنا — ذلك الجيل — للابتعاد عن التدخين والذي كان موضة تلك الأيام. والآخر عن أطفال إحدى القبائل في أفريقيا وكيفية لهوهم بصناعة مراكب صغيرة من الخشب وورق الأشجار. وهو ما دفعنا لتقليدهم لصناعة مراكب شراعية واللعب بها أوقات الامطار في غدران وريضان قطر. باختصار المهرجان كان ناجحاً بامتياز.. ودمتم.