11 سبتمبر 2025
تسجيلكما توقعنا وراهننا وتحدينا، فلم يتحرك أي طرف في حكومة المنطقة البغدادية الخضراء لمتابعة ملف جرائم النائب الإرهابي الإيراني نادر قاضي بور الذي اعترف علنا وفي مهرجان انتخابي قبل شهرين ونيف بقتله لأكثر من 700 أسير من الجيش العراقي وفي العمق العراقي عام 1983 تقربا لقيادته وقتذاك وأملا بانتصار ثورتهم التي كانت معدة للتصدير.. ذلك الملف المخزي والمعيب كان ينبغي أن تتجند له وتتفرغ كل مؤسسات الدولة العراقية القانونية والأمنية والدبلوماسية، وأن يرفع مستوى المتابعة من رئاسة الجمهورية للحكومة للبرلمان لمنظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان. ولكن شيئا من ذلك لم يحدث ألبتة! ورئاسة جمهورية العراق الكردية تشخر في نوم تاريخي عميق! أما رئاسة الحكومة الحيدرية العبادية فهي متشابكة تشابكا صميميا مع الحليف الصدري للخروج بتوافق ينهي مخاطر الصدام الدموي المحتمل؟ أما رئاسة البرلمان وأعضائه فهم في كل واد يهيمون ويقولون ما لا يفعلون، وكل همهم على الرواتب والأعطيات والسفريات وعمليات التجميل والتكبير والتصغير والتبييض! أما الدبلوماسية العراقية التائهة في قمقم الإنس والجان وفي ملاحقة المتغيرات الميتافيزيقية لوزير الخارجية الذي لا يتذكر اليوم ما قاله بالأمس! ! فهي حكاية طويلة وأشد طولا من حكاية غرام الموسيقار الراحل فريد الأطرش! . لقد أضحى واضحا وبشكل جلي أن حكومة العراق قد أسدلت ستائر النسيان على الماضي خصوصا إذا كان الحبيب والعشيق الإيراني طرفا فيه! فكيف إذا كان متورطا بجرم لا يغسله التقادم التاريخي ولا يعطره النفاق؟. ويبدو أن توالي المشاكل الداخلية في العراق والفشل في إقرار الإصلاحات التي وعد بها رئيس الحكومة حيدر العبادي قبل شهور طويلة، والاعتصامات التي أدارها التيار الصدري قد جعلت من ملف متابعة ضحايا الجيش العراقي من الإعدامات الإرهابية أثرا بعد عين! ، خصوصا أن عددا كبيرا من المسؤولين العراقيين الحاليين كانوا جنودا ومقاتلين في الحرس الثوري الإيراني وفي الميليشيات العراقية المساندة لهم زمن الحرب العراقية - الإيرانية التي شهدت فصولا دموية مروعة لاختراقات عسكرية في العمق العراقي شهدت مجازر مروعة، كما حصل في معارك شرق البصرة صيف عام 1982 ثم في معارك احتلال الفاو وتحريرها أعوام 1986 و1988! ، المهم إن ملف الحرب العراقية - الإيرانية يحمل صفحات مؤلمة لملفات لا يزال النظام الإيراني يمجدها ويعتبرها حربا مقدسة، وهو ما دفع البرلماني الإيراني نادر قاضي بور للتفاخر العلني بإعدام مئات الأسرى العراقيين دون أن يخشى من أي ردة فعل مقابلة أو أي إجراءات قانونية قد تتخذها الدولة العراقية! ! وهو حق مشروع وقانوني في مواجهة جريمة بشعة ضد الإنسانية، ولكن يبدو أن الإيرانيين في غاية الاطمئنان والتأكد من عدم وجود رد رسمي حكومي عراقي خصوصا، وأن صوت وزارة الخارجية العراقية تحديدا متناغم بالكامل مع الرؤى الرسمية الإيرانية وهو ما يتجسد بشكل واضح في المواقف العراقية الرسمية من جماعات الإرهاب التي تساندها طهران كحزب الله اللبناني، والوضع الداخلي العراقي المتشابك اليوم على صعيد الصراع الشديد القائم بين الأحزاب والجماعات المنضوية تحت إطار التحالف الوطني الحاكم، والخوف من انفلات ألأوضاع نحو نهايات مواجهات شوارعية في حال تصاعد الصراع مع جماعة التيار الصدري، قد أدى لتجميد العديد من الملفات في دوائر السياسة! ، رغم أنه في ضوء التحالفات الطائفية والسياسية يبدو من المستحيل أن تقوم الحكومة العراقية الحالية بالتقدم لرفع أي شكوى ضد البرلماني الإيراني ومجرم الحرب لاعتبارات واضحة ومعروفة للجميع! ، ولكن حتى متى يستمر الصمت حول هذا الموضوع المؤلم من جانب البرلمان العراقي. أما ملف الضحايا من أسرى الجيش العراقي المغدورين فهو ملف إنساني يظل منتصبا في مواجهة تطورات المستقبل، ملف الجرائم ضد الإنسانية لن يقفل أبدًا مهما كانت درجات التواطؤ والخذلان! .