20 سبتمبر 2025

تسجيل

الحاجة إلى الأمل

26 مارس 2016

لا يوجد في العالم العربي ما يسر، كل شيء يبعث على الإحباط والاكتئاب والمرارة، فالحروب تطحن أجزاء كثير من هذا الوطن العربي، والبلاد التي لا تعهما الحروب يسيطر فيها الفقر والفاقة والحرمان والبطالة.نصف شباب العرب لا يعملون، ونسبة تتجاوز 10% من العرب لا يجدون ما يأكلون، ونسبة تصل إلى 80% يمكن أن تصنف تحت خط الفقر، والحالة التعليمية في تراجع، والخدمات الصحية متدنية جدا في غالبية البلدان العربية، والفساد "يسرح ويمرح"، والدكتاتورية تكاد تكون منهجا للحياة، والسجون تحولت إلى مقابر للأحياء في كثير من بلدان هذا العالم، والإدارة في أدنى مستوياتها. والشعب الفلسطيني يرزح تحت الاحتلال الإسرائيلي، الذي يشدد الخناق على قطاع غزة ويفرض حصارا خانقا بمشاركة نظام السيسي في مصر.هذه حقائق نعيشها ونراها يوميا، وهي الحقائق التي دفعت ملايين العرب إلى الهجرة غير الشرعية، وحولت البحر الأبيض المتوسط إلى مقبرة للمهاجرين العرب خاصة السوريين، ودفعت كثيرا من الشباب العرب إلى الانتحار، بل إن بداية الربيع العربي، والثورة العربية المعاصرة كانت بسبب الشاب التونسي محمد البوعزيزي، بائع الخضار والفواكه، الذي أحرق نفسه، بسبب الإهانة وامتهان كرامته، رغم قبوله الفقر وعدم اعتراضه على سلطة الدكتاتور، وفي مصر سجلت 36 ألف محاولة انتحار خلال عام واحد، ويكاد يكون الانتحار "حلا" في كثير من الدول العربية.هل نحن أمة تنتحر؟ الإجابة الصحيحة هي: نعم.. نحن أمة تنتحر أخلاقيا ودينيا وإنسانيا وحضاريا واقتصاديا، ويكفي إلقاء نظرة واحدة على الرقعة الممتدة من المحيط الأطلسي وحتى الجزيرة العربية لكي نرى هذه الحقيقة المرة.في يوم من الأيام قال الفيلسوف الإنجليزي الشهير برنارد شو عن أمريكا.. أنها أمة مرت من البدائية إلى الانحلال دون أن تمر بالحضارة، وإذا ما عدلنا هذا القول قليلا فإن الأمة العربية تمر من الجاهلية إلى الجاهلية وكان مرحلة الإسلام والحضارة لم تكن إلا لحظة عابرة في تاريخها.كم هو مؤلم هذا الكلام..لكنها الصورة كما يراها الجميع حاليا، وهي الصورة التي جعلت من "داعش" علامة مميزة للعصر العربي الحديث، وإذا ما استخدمنا المصطلحات الجيولوجية والأحافير، فإن النصف الأول من القرن العشرين في العالم العربي كان عصر الاستعمار، والنصف الثاني كان عصر الدكتاتورية والتسلط، أما مطلع القرن الحادي والعشرين فهو "العصر الداعشي"... عصر يسيطر فيه الجنون والانتحار في عالمنا الذي يشبه مركبا متداعيا في بحر لجي تتقاذفه أمواج عنيفة، ويسقط ركابه من العرب في قيعان مظلمة.رغم هذه الصورة القاتمة ثمة فرجة من الأمل، فالإنسان كما الشعوب والمجتمعات لا يستطيع أن تعيش بلا أمل.. أمل بالانعتاق من الظلم والتخلف والأمية والدكتاتورية والتعذيب والموت المجاني والفقر والجوع.. أمل بنهاية لهذا العصر الداعشي المظلم، أمل لن يكون ولن يتحقق أبدًا إلا بسيادة الوعي والفكر الحر والدفاع عن الحرية، والعمل من أجل بناء الفرد والمجتمع على قاعدة حضارية إسلامية..للخروج من متاهة الجاهلية التي تغرقنا.. فالإسلام.. إسلام محمد صلى الله عليه وسلم هو الحل الوحيد الممكن والمتاح وغير ذلك عبث، أنه الأمل الوحيد المتاح لامتنا.