13 سبتمبر 2025
تسجيلما من يوم ينشق فجره إلا نادى منادٍ من قبل الحق: "يا ابن آدم، أنا خلق جديد وعلى عملك شهيد فتزود مني بعمل صالح، فإني لا أعود إلى يوم القيامة"، فالأعمار مقدرة والآجال مقسومة وكل واحد منا قد قسم له نصيبه في هذه الحياة، فالشريعة الإسلامية السمحة التي جاء بها خير البشر عليه الصلاة والسلام قد جاءت بتكريم الأم والتحريض على برها كل وقت، فالواجب على المسلمين أن يكتفوا بما شرعه الله لهم من برِّ الوالدة وتعظيمها والإحسان إليها والسمع لها في المعروف كل وقت وأن يحذروا محدثات الأمور التي حذرهم الله منها والتي تفضي بهم إلى مشابهة أعداء الله والسير في ركابهم واستحسان ما استحسنوه من البدع، فإن هدي النبي، صلى الله عليه وسلم، أخبرنا عن وقوع متابعة أمته للأمم السابقة وتقليدهم في كثير من الأمور اليهود والنصارى، وليس هذا، بلا شك، من المدح لفعلهم هذا، بل هو من الذم والوعيد، فعن أبي سعيد، رضي الله عنه، أن النبي، صلى الله عليه وسلم قال: (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراعٍ حتى لو سلكوا جحر ضب لسلكتموه قلنا: يا رسول الله اليهود والنصارى قال: فمن؟)، رواه البخاري.وليس ذلك خاصا بالأم فقط، بل قد شرع الله للمسلمين بر الوالدين جميعا وتكريمهما والإحسان إليهما وصلة جميع القرابة وحذرهم سبحانه من العقوق والقطيعة ولقد خص هدي الإسلام الأم بمزيد من العناية والبر، فكيف ينسى أو يتناسى الواحد منا الأيام الصعاب التي واجهها الوالدان في سبيلنا من حمل ومن رضاعة ومن تربية ورعاية وبذل للمال والنفس ولسنين طوال، فلقد وهبوا لنا كل حنانهم ودعوا لنا بالخير والأمان بدون منٍّ ولا أذى وبدون مقابل ولا يريدون منا إلا البر اليسير والاحترام والتقدير والمداراة الجميلة البسيطة، فعناية الأم بالولد أكبر ما ينالها من المشقة في حمله وإرضاعه وتربيته، فالأم كلمة عظيمة كبيرة الكل يشعر بها والكل يتبارى لإيجاد السعادة بكلمة حب وهدية حب لأم قضت حياتها تعمل من أجل سعادة من تحب. شعور متبادل ومحبة عميقة متأصلة داخل وجداننا ما بين حب أم لأبنائها وحب أبناء لأمهاتهم، الجميع ما بين أمهات وأبناء ينتظر بلهفة شديدة مناسبة للتعبير عن أواصر متعمقة ومليئة بالحب والمودة.فالإنسان البار هو الذي يسعى جاهدا لرسم البهجة والفرحة على وجه الأم وهو يحنو عليها، مقبلا رأسها ويديها، فتكون يده ممتلئة بشيء من البر ومن هنا كان المسلم الحق بارا بوالديه في الأحوال كلها، عاملا على إسعادهما وإدخال السرور على قلبيهما ما استطاع إلى ذلك سبيلا في حدود طاعة الله عز وجل، لا يدخر وسعا في تقديم ألوان البر والرعاية والإكرام لهما بالوجه الطلق المحيى الباسم الثغر الفائض بالحب والحنان والوفاء والعرفان بالفضل لصاحبي الفضل الكبير.فلماذا نريد أن نكسر خاطر الأمهات وندعي أن هذا ليس من الدين، بل هو من صميم الدين، فأيام السنة كلها بر بالأمهات وإن كان يزعجنا أن نسميه عيدا، فلنقل عنه "يوم الأم"، فلا تقل: هذا من فعل الغرب، بل، نحن المسلمين، أسبق منهم إلى البر ونحن أولى بالإحسان منهم، فلماذا تريد كسر خاطر الأم؟. وينبغي أن نقول لمن أراد أن يحسن إلى أمه في أي وقت فليحسن وليداوم على هذا البر ولا يتوقف عند يوم معين، فإن من شيمة ديننا الحنيف الوصية بالوالدين، وما ينبغي للمسلمين أن تغيب فيهم هذه الخليقة، فعيدك يا أمي هو رؤيتك كل يوم، فليس مطلوبا منا الكثير سوى أن نبدأ من الآن بود الوالدين وأن نعمل على رضاهما ونستثمر وجودهما، فوجودهما بيننا حسنات وعلينا أن نحافظ عليها، ونستغل دعاءهم ورضاهم.