15 سبتمبر 2025

تسجيل

إلى أصحاب الجلالة والسمو والفخامة

26 مارس 2013

كان من المفروض أن أحل مكان الرئيس طالباني عافاه الله في رئاسة وفد العراق إلى مؤتمر قمة الدوحة، لولا استهدافي زورا وبهتانا واضطراري لمغادرة بلدي، وبالتالي حرمت من شرف المساهمة معكم في تحمل المسؤولية والتعاطي مع شواغل الأمة ومشاكلها وتحقيق تطلعاتها. ينعقد مؤتمركم الموقر هذا وقد مضت عشر سنين ثقيلة على غزو العراق عام 2003 حيث اهتم العالم أجمع بهذه الكارثة نقدا وتحليلا، إدانة من جهة وتعاطفا وتضامنا مع شعب العراق من جهة أخرى، ولذا وجدت أن من المناسب طرح قضية بلادي على مقامكم أملا أن تحظى باهتمامكم ورعايتكم المعهودة أسوة ببقية الملفات الساخنة الأخرى ذات الاهتمام المشترك. لاشك أن حصاد غزو العراق عام 2003 كان حصادا مرا، حيث تردت أحواله حتى بالمقارنة مع الأحوال المحزنة التي طبعت الأوضاع في فترة ما قبل غزو العراق، اليوم العراق الشقيق يقف على مفترق طرق، سيادته ناقصة، حكومته فاشلة، شعبه منقسم، أمنه مفقود، ثرواته منهوبة، هويته مستهدفة، الأبرياء من أبنائه مطاردون والمجرمون فيه أحرار، الأرواح والأعراض والمصالح باتت مستباحة.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.. بل أقولها بمنتهى الشعور بالمسؤولية إن العراق الذي كان معروفا ومشهودا لدوره بأنه حامي البوابة الشرقية مصداقا لمقولة الفاروق (رض) "ليت بيني وبين فارس جبلا من حديد" هو اليوم بات يشكل تهديدا حقيقيا للأمن القومي العربي، يتدخل في دول الجوار ويعين ظالما في قتل شعب سوريا البطل، بل أصبح ساحة إيران الخلفية في التخريب والتآمر على أشقائه العرب، العراقيون لا يمكن أن يقبلوا بذلك ولن يصبروا على التدمير المنهجي للهوية والثقافة والانتماء.. لن يسكتوا على حكومة تقتل الأبناء، وتستحيي النساء، وتقصي المخالفين، وتطارد المخلصين وتكرم المجرمين... العراقيون يستنكرون على حكومة تفتخر بإنجازاتها كذبا وزورا بينما مازال ثلث شعبها يعيش على خط الفقر والعراق مازال يطفو على خيرات يحسده عليها القريب والبعيد. ولذلك كله ثار أشقاؤكم في الأنبار وسامراء وصلاح الدين وكركوك ونينوى وديالى وبغداد وغضب إخوانكم في إقليم كردستان العراق وهم يقاطعون اليوم حكومة فقدت شرعيتها بانسحاب ائتلافات رئيسة منها، سينضم إليهم بقية العراقيين في المحافظات الأخرى، لأن الهم واحد حيث لم ينجُ من ظلم الحكومة أو فسادها أو فشلها أحد. أصحاب الجلالة والفخامة والمعالي أعلم جيدا صعوبة المرحلة، وأدرك تماما عظم المسؤولية التي تتحملونها، والتحديات التي تواجهونها، وأعلم أن ملفات أكثر خطورة وحساسية من العراق هي ما يشغلكم حاليا وعلى وجه الخصوص ما يجري اليوم في سوريا الثورة، ولا أبغي من رسالتي هذه أن أضيف هما على همومكم أو عبئا على أعبائكم لكنها والله الأمانة، والشهادة، وكلمة الحق التي وجدت نفسي ملزما أن تصل أسماعكم الكريمة، أملا في موقف نستطيع من خلاله أن نتدارك أمر العراق قبل أن ينزلق للفوضى أو الاحتراب الداخلي، وعندها سيتضرر الجميع دون استثناء. وفي هذا السياق أتقدم إلى حضراتكم بما يأتي: 1. الدعوة لمناقشة قضية العراق على مستوى المندوبين الدائمين في الجامعة العربية. 2. أن تتولى الجامعة على عجل إرسال وفد لتقصي الحقائق والالتقاء باللجان التنسيقية للانتفاضة في مختلف المحافظات أسوة بما قامت به منظمة الأمم المتحدة. 3. دعوة الجامعة العربية لممثلين عن اللجان التنسيقية لزيارة مقر الجامعة. 4. ترتيب لقاء بالسيد الأمين العام والممثلين الدائمين، كما هو حاصل مع الإخوة السوريين في انتفاضتهم والحالة متماثلة في كلا البلدين. 5. الموافقة على أن يكون للانتفاضة ممثل ارتباط مع الأمانة العامة للجامعة العربية. كما حصل في دعوة الإخوة السوريين. 6. تقديم كل وسائل الدعم المعنوي والمادي والسياسي والإعلامي. 7. المساعدة في تعريف العالم بالوضع المأساوي الذي بات عليه العراق اليوم ومتابعة ملف حقوق الإنسان في العراق كما اهتمت به منظمات حقوق الإنسان الدولية ومنظمة العفو الدولية. وفي الختام أتمنى لمؤتمركم هذا كل التوفيق تحدوني الثقة الكبيرة بأن غيرتكم على العراق وحبكم لشعبه وعرفانا بمواقفه، سوف تدفعكم للتعامل مع هذه المناشدة بما تستحق من اهتمام.  والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.