11 سبتمبر 2025
تسجيلشبع القراء من البلاوي التي تحدث في المدارس الحكومية في مختلف الدول العربية، وأعترف بأنني معجب بالنظم والضوابط المعمول بها في المدارس الأجنبية، من حيث منع المدرسين من شتم او ضرب الطلاب أو إرهاقهم بالواجبات المنزلية، (في المنهج البريطاني ممنوع تكليف التلاميذ حتى الصف الرابع بواجبات منزلية) كما أنني من أنصار المناهج الدراسية التي لا تقوم على التلقين الببغاوي، وتعطي الطالب هامشا من الحرية، ليفكر ويصل إلى استنتاجات صحيحة أو خاطئة (ومن اجتهد ولم يُصِب له أجر واحد). ورغم أن هناك مدارس أجنبية عريقة في العالم العربي تفهم خصوصية الثقافة والعادات في البيئات التي تعمل فيها، إلا أن هناك أشياء تفوت حتى على أجانب عاشوا بيننا لثلاثين سنة مثلا. ذات مرة كنت أرافق منتجا تلفزيونيا بريطانيا شديد الحماس للثقافتين العربية والإسلامية، وسبق له إعداد برامج ناجحة يدحض فيها الافتراءات حول العرب والمسلمين، وجلست معه لمشاهدة مقاطع من فيلم «خام» حول المرأة المسلمة، وفجأة انتبهت إلى لقطة لمئات النساء في مسجد في صلاة التراويح وهن في وضع السجود، فقلت له إن اللقطة غير موفقة وستثير احتجاجات لأن الكاميرا كانت خلف المصليات، فقال لي إن أجمل ما في صلوات المسلمين الركوع والسجود، لأن الخشوع يتجلى فيهما، ولكنني قلت له: ولو .. لا يصح تسليط الكاميرا على مؤخرات الناس ذكورا كانوا ام إناثا، وأن تصوير لاعبات التنس في وضع الانحناء لضربة البداية في كل جولة أمر مبتذل ولا علاقة له باللعبة نفسها. جاء في صحيفة خليجية تقرير مطول عن مدرسة أجنبية وزعت أوراقا مطبوعة على طلابها حول التغذية المتوازنة: ضرورة الابتعاد عن الوجبات المشبعة بالدهون، والإكثار من أكل الخضراوات والفواكه واللحوم البيضاء و................ تناول جرعات من النبيذ الأحمر خلال الوجبات! نعم يا دلعدي؟ ريد واين؟ عصير العنب المختمر الذي يسكر حتى قليله؟ بالتأكيد لم تتعمد المعلمة التي وزعت تلك الأوراق الترويج للخمر، وفي تقديري فإنها عثرت على قائمة بالأطعمة المفيدة صحيا في الإنترنت، وقامت بما يسمى في لغة الكمبيوتر «كط آند بيست»، أي قطع ولصق، ولم تنتبه إلى كون النبيذ سواء كان أحمر او بنفسجيا، حرام في البيئة التي ينتمي إليها طلابها، ولو تذكرت تلك المعلمة فقط ان ذائقة الطعام في الدولة الخليجية، تختلف عن البلد الأوربي الذي تنتمي إليه، لما وقعت في ذلك الخطأ الشنيع (دعك من انه لا يجوز لمعلم تمجيد أي نوع من الخمور في أي بيئة ثقافية). وقبل أعوام قليلة دخلت معلمة بريطانية السجن في الخرطوم لأنها أتت بدب (دمية) وطلبت من تلاميذها الصغار ان يختاروا له اسما، فوقع اختيار الصغار وبكل براءة على «محمد»، بوصفه أحب الأسماء إلى نفوسهم، وعلم أولياء الأمور بالحكاية، وانتهى الأمر باعتقال المدرسة ثم إبعادها من السودان. في نفس الجريدة الخليجية، ولكن في مدرسة ثانوية حكومية، اكتشف الآباء ان على عيالهم دفع رشوة لعمال المقصف للحصول على وجبات، والحيلة الذكية الحقيرة تمثلت في بيع الطعام من خلال نافذتين بدلا من خمس، وتفاديا للتزاحم يدفع الطلاب المقتدرون ماليا الرشوة ويحصلون على الوجبات من الباب الخلفي للمقصف في ثوان؛ وتقول الجريدة إن حارس نفس المدرسة يتقاضى الرشوة للسماح للطلاب للخروج من المدرسة أو لتوفير السجائر لهم، ولم تقل الصحيفة لماذا هناك مدير ووكيل ورقيب ووكيل عريف في المدرسة. والشاهد هو أن من يعتمد على المدرسة لـ»تربي» عياله «حقه راح» كما نقول في السودان عن الشخص الخاسر.. تعليم؟ جائز؟ تربية؟ لا.. نو.. نهي.. ناي.. نيشت.. نييت (بالروسي)؛ التربية مسؤولية العائلة وليست وزارة حكومية حتى لو كان اسمها «التربية». [email protected]