12 سبتمبر 2025

تسجيل

اليمن والنفق المظلم

26 فبراير 2015

كان للحوار الوطني في اليمن أن يكون نموذجا سياسيا للتوافق بين مكونات الوطن، ويضع الشعب اليمني على أعتاب المسار السياسي الذي ينتهي إلى وطن آمن ومستقر، يضرب المثل بما حققه خاصة بعد أن تجاوز مرحلة الانهيار الثوري بسلام، ولكن ما حدث أن الثورة والحوار حدث لهما انتكاس خطير كفيل بأن يعصف بكل النجاح الذي تحقق، طالما أن هناك رصاصة تنطلق في ظلام اليمن وتتجه به النفق المظلم.لن نستبق الأحداث لتتجه رؤيتنا إلى تحميل طرف من الأطراف مسؤولية أي انهيار لسلام اليمن، ولكن ما الذي يجعل الحوثيين يتحركون عسكريا في وقت حقق فيه الحوار الوطني تقدما مهما، ولماذا يدخلون في مواجهات مع القبائل ويستعدونها، ذلك يتناقض مع منطق السلام ولا يخدم سوى أجندة خاصة على حساب المصلحة الوطنية، ومن المؤسف أن نقرأ خبرا عن سيطرة المسلحين الحوثيين على مدينة حوث في محافظة عمران شمالي اليمن بعد معارك عنيفة مع مسلحين من القبائل، وقبل ذلك دمّروا منزل كبير شيوخ قبيلة حاشد.هناك ثغرة وفجوة في فكرة الحوار والمساهمة الفاعلة في تحقيق سلام اليمن، فهذا البلد كان مثاليا في ثورته ونتائجها، بالنظر إلى انتشار السلاح بشكل كثيف ورغم ذلك تم كبحه بإرادة قوية تدل على أنه مظهر قوة وليس تدميرا وتهديدا للأمن الاجتماعي والوطني، ولكن من يحمل السلاح من أجل أن يقتل أبناء الوطن ويفجر ويدمر ويهدد ويروّع فهو غير جدير بوطنيته اليمنية، وعليه أن يعيد حساباته فيما يطلبه لنفسه ولوطنه.ينبغي التوافق على أن يمضي الحوار الوطني إلى منتهاه وعدم تشويهه بكسوب إجرامية بقتل الأبرياء واستهداف الآمنين، ويجب احترام سلطة الدولة حتى لو حظيت بمعارضة أي طرف، فالعملية السياسية لا تعني تلبية متطلبات وتطلعات جميع القوى السياسية، وإلا لما كانت هناك معارضة وحكم، ودون تغليب الأجندة الوطنية لا يمكن لقطار اليمن أن يصل محطة الاستقرار، ولينظر كل طرف في حالات ماثلة لانهيار الدولة بضغط المصالح الضيقة للجماعات والأحزاب السياسية، كما في الصومال ولبنان سابقا التي استقرت بتوافق وطني عميق عبر الحوار، وليس من عاقل يعيد إنتاج تجارب مريرة لآخرين في واقعه، لذلك ما من سبيل لجميع الأطراف غير الحوار الوطني والارتقاء إلى طموحات الشعب في تأسيس مؤسسات الحكم ومنح السلطة الفرصة لممارسة عملها دون ضغط.