17 سبتمبر 2025

تسجيل

في ذكرى الثورة: احتفال أم ثورة ثانية

26 فبراير 2013

كما هو حال مصر منذ نجاح ثورة يناير، تنقسم القوى السياسية حول كيفية التعاطي مع الذكرى الثانية لتلك الثورة، وهل يكون من خلال الاحتفال بها أم يكون من خلال الدعوة لثورة ثانية لتحقيق أهداف الثورة الأولى التي لم تتحقق حتى الآن. التيار الإسلامي أعلن عن نيته الاحتفال بذكرى الثورة من خلال مبادرة " معا نبني مصر " التي طرحتها جماعة الإخوان المسلمين عبر حزب الحرية والعدالة، والمتمثلة في القيام بمشروعات خدمية في مجالات الصحة والبيئة، وذلك من خلال توفير رعاية صحية لمليون مواطن وترميم ألفي مدرسة وتخفيف المعاناة عن صعيد مصر، فضلا عن زراعة مليون شجرة. كما أعلن نادر بكار المتحدث الرسمي لحزب النور السلفي، أن الحزب يطرح مبادرة لدعم وتطوير قطاع السياحة في الذكرى الثانية للثورة. وفي مقابل هذه المبادرات، تأتي دعوات أحزاب المعارضة الممثلة في جبهة الإنقاذ الوطني لبدء ثورة ثانية ضد ما تسميه حكم جماعة الإخوان المسلمين، وذلك من أجل إسقاط الجماعة وإسقاط الرئيس مرسي وإقامة مجلس رئاسي تسيطر عليه. واستعدت تلك الأحزاب من خلال تسيير تظاهرات ضخمة في عدد من المدن المصرية خاصة في القاهرة، إضافة إلى محاصرة بعض المؤسسات العامة والخاصة المهمة مثل قصر الاتحادية حيث مقر رئيس الجمهورية، ومقرات مجلسي الشعب والشورى ومجلس الوزراء، فضلا عن مقرات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة. ويقع ضمن المخطط، قطع الطرقات والسكك الحديدية وخطوط المترو من أجل بث الفوضى والخوف في قلوب المواطنين وخلق مشاهد مشابهة للمشاهد التي حدثت خلال ثورة الخامس والعشرين من يناير، بهدف الوصول إلى تحقيق ما حققته من إسقاط الرئيس. كعادتها تخطئ جبهة الإنقاذ الوطني في قراءة الواقع المصري، وبالتالي كيفية التعامل معه. فهي قد حاولت من قبل تنفيذ هذا السيناريو قبل الاستفتاء على الدستور الجديد من أجل منع هذا الاستفتاء، ولم تنجح نظرا لعدم استجابة قطاع عريض من الشعب المصري لدعواتها التحريضية لارتكاب العنف أو المشاركة في إحداث الفوضى. ما لا تعرفه جبهة الإنقاذ أن الشعوب لا تدعى إلى الثورات بل تبادر إلى القيام بها عند تيقنها بانغلاق كل الأبواب في وجهها كما حدث قبل ثورة يناير. فضلا عن أن نجاح الثورات يحتاج إلى إجماع شعبي لإسقاط النظام، وهو الأمر الذي لا يتحقق الآن بسبب وقوف التيار الإسلامي صاحب الشعبية العريضة، خلف الرئيس مرسي وعدم سماحه بإسقاطه مهما كانت النتائج. جبهة الإنقاذ لا تملك الشعبية التي تؤهلها للقيام بثورة، كما لا تملك القوة التي تسمح لها بالقيام بانقلاب مسلح، وليس أمامها سوى ارتكاب أعمال العنف التي يجرمها القانون من أجل ممارسة بعض الضغوط على الرئيس مرسي وجماعة الإخوان، وهو أمر ثبت فشله في استحقاقات سابقة. ومن هنا نقول إن كل الدعوات التي تتحدث عن ثورة ثانية وما يتلوها من إسقاط الرئيس، هي مجرد أمنيات لا تجد من شواهد الواقع ما يؤيدها. وستصب نتيجتها في صالح التيار الإسلامي الذي سيظهر أمام الشعب وكأنه الساعي إلى حماية الاستقرار والمدافع عن الشرعية التي جاءت بها صناديق الاقتراع في مواجهة معارضة لا تعدو أن تكون مثلها مثل قاطع الطريق الذي يجب تطبيق القانون عليه.