12 سبتمبر 2025
تسجيلمع حلول الذكرى الخامسة لثورة يناير التي خلع فيها المصريون حسني مبارك من السلطة، تستمر الثورة رغم القمع والتعتيم الإعلامي الكبير، ولكن من قال إن الإعلام وحده يصنع مصائر الشعوب، فالإعلام لم يكن مفجرا للثورة في مصر ولا في تونس من قبلها، فالشعب التونسي هو الذي صنع ثورة فجرها الشهيد محمد البوعزيزي، وفي مصر فجر الشعب المصري الثورة من أجل تحقيق العيش والحرية والعدالة الاجتماعية. ولان حركة التاريخ تكون أحيانا مثل الموج الذي ينحسر قليلا ليثور ثانية، فإن ثورة يناير تعرضت لهجمة مرتدة من القوى المضادة للثورة، توجت بانقلاب 3 يوليو 2013، اشترك فيه العسكر والدولة العميقة ومنها الإعلام والقضاء الفاسد ورجال الأعمال والكنسية ودول "الرز" الخليجية، والولايات المتحدة الأمريكية، كما اعترف بذلك وزير الدفاع الأمريكي السابق تشاك هاجل.هذا الانقلاب الأسود يحاول إعادة مصر والمصريين إلى "الحظيرة" لأن العسكر لا يؤمنون بالحرية والشعب الحر القادر على إدارة نفسه، فالجيش هو الشعب، وأجهزة الأمن القمعية هي الشعب، وباقي الناس ليسوا إلا خدما للجيش والأجهزة الأمنية، وهي عقيدة تربى عليها الجنرالات المصريون لأنهم يعلنون وبدون مواربة "نحن الشعب" أما الآخرون فهم "الشعب الآخر"، وهذا ما عبرت عنه الأغنية الشهيرة "إحنا شعب وانتو شعب.. الكو رب والنا رب"، ولذلك يستمر الانقلابيون في انتهاكاتهم وعدوانهم على "الشعب الآخر" يقتلون ويغتالون ويعتقلون ويشردون، والإنجاز الوحيد الذي حققه هؤلاء الانقلابيون من انقلابهم المشؤوم هو زيادة عدد السجون من 40 سجنا إلى 51 سجنا، بعد أن وصل عدد المعتقلين إلى 50 ألف معتقل، وتجاوز عدد المطلوبين على ذمة قضايا تتعلق بمعارضة الانقلاب إلى 65 ألف مطلوب، يتعرضون للضرب والتعذيب والتجويع والإخصاء والاغتصاب والتعليق من الأطراف وإدخال آلات حادة في أماكن حساسة من الجسم والإهمال الطبي وعدم النظافة، فقد تحولت هذه السجون وأماكن الاعتقال إلى مراكز لتصفية الإنسان جسديا ومعنويا، كما يقول كتاب السجل الأسود الذي أصدره المركز المصري للإعلام، فالسجون تحولت إلى "مقابر للأحياء" كما قالت منظمات حقوق الإنسان الدولية، فيه منشآت غير آدمية يضاف إليها أماكن الاحتجاز غير الرسمية.واعتقلت سلطة الانقلاب الغاشمة 2170 طفلا، منهم 147 طفلا خلال فض اعتصامي رابعة والنهضة، فيما يقبع 370 طفلا في أماكن احتجاز، بعضهم تم إخفاؤه قسريا، كما قتل 217 طفلا، ويوثق الكتاب وجود 948 حالة تعذيب ضد الأطفال، و78 حالة عنف جنسي ضدهم.، وهذا اعتداء سافر على الطفولة.هل وقفت جرائم الانقلابيين عند هذا الحد، بالطبع لا.. ف"السجل الأسود" يوثق أكثر من 1000 حالة اعتداء جسدي على نساء أغلبهن طالبات، و67 حالة احتجاز لسيدات وفتيات، وإخفاء بعض النساء قسريا، وإحالة فتيات قاصرات إلى محاكم عسكرية، إضافة إلى صدور أحكام بالإعدام لعدد من النساء في جرائم ملفقة، ووقوع حالات اغتصاب داخل أماكن الاحتجاز.فهل وقفت جرائم انقلاب السيسي وجنرالاته ودولته العميقة عند هذا الحد؟ بالطبع لا، فالسجل الأسود طويل ومتشعب، وكل يوم هناك جرائم تضاف إلى هذا السجل الأسود، آخرها اغتيال 3 معارضين يوم أمس، وقتلهم بدم بارد، مما يجعل هذا السجل الأسود مفتوحا على الشر، وهو شر لن يتوقف حتى إسقاط الانقلابيين وتقديمهم إلى المحاكمة العادلة.