13 سبتمبر 2025
تسجيللهث منصبٌ خلف رجل طويلاً، وتوسّل إليه أن يحتلّه، فنظر الرجل إلى المنصب وتعفّف وقال له: لن أحتلّك حتى تُريق ماء وجهِك أمامي، فتذلل المنصب للرجل وهزَّ رأسه، وأطلقَ تنهيدة عالية، وفكّر بانقلاب الأشياء رأساً على عقب، فهناك رجال فضفاضون على مناصبهم، وهناك مناصب فضفاضة على أصحابها، في الحالة الأولى رجل مهيب تخشاه السلطات، وفي الثانية سلطات مخيفة تخشى الرجال، هل من حلّ لهذه المعادله؟! نعم؛ أن تستبدل بالمناصب الرجال، وبالذكور المناصب، حتى نُرمّم الحلقة المفقودة. * * * لهث رغيف ساخن خلف مواطن، توسّل إليه أن يأخذه إلى سكنه ويؤويه، ويريحه من التدحرج فوق ألواح الخشب الداخلة إلى الفرن والخارجة منه، فنظر المواطن إلى الرغيف شزراً وقال له: متى ستُدرك أن الناس مقامات؟! هل تظنّ أن لديّ مكانا لاصطحابك، تجلس في مقام الحسناوات المعطّرات المؤنّقات، في سيارة فارهة مزجّجة بحجاب يَرى ولا يُرى؟ وهل تظنّ نفسك أشهى؟! * * * لهث مواطن خلف رغيف حتى تقطّعت أنفاسه، (كرج) الرغيف أمامه يزعق، فأفسحت له السيارات والمركبات الطريق، يُسرع ويرمق المواطن من المرآة باستخفاف شديد، ويُحدّثُ نفسه: متى سيفهم هذا الغبيّ أنني الآن قطعة نادرة من السلاح؟! * * * ناحت حمامة على شبّاك، فسألها الشباك: لماذا تنوحين بمرارة؟ قالت: لأنّ أبا فراس الحمداني حجزني في بيت من الشعر عندما كان محجوزاً لدى الروم ورحل دون أن يُطلق سراحي، وروم هذه الأيام يغلقون الفضاء على الحمام، والأمة بأجمعها تحولت إلى شاعر مسجون، وما من حمامة تنوح قربه. * * * عادت دمعة أدراجها من المآقي إلى العين، وغارت في مكانها الأصلي بعد أن تحللت إلى ملح وماء، وأخبرت صاحبها أن دمعة الأبطال غالية.