17 سبتمبر 2025
تسجيل* يحكى أن امرأة تُسمى الصدوف العذرية كانت زوجة لزيد بن الأخنس العذري، وكانت له بنت من غيرها تسمى الفارعة، وكانت تسكن بمعزل عن امرأة أبيها في خباء آخر.. فغاب زيد عن زوجته مدة من الزمن.. فجاء رجل عذري يسمى شبيباً فعلق الفارعة، وطاوعته، فكانت تركب كل عشية جملاً وتذهب مع شبيب إلى مكان يبيتان فيه، ولما رجع أبوها زيد من غيبته، عَرَّج وهو في الطريق على كاهنة اسمها طريفه، فأخبرته بما يجري من الريبة في بيته، فأقبل وهو يظن أن الخيانة في زوجته، فلما دخل عليها رأت الشر في وجهه، فقالت له: لا تعجل واقفُ الأثر، لا ناقة لي في هذا ولا جمل.. فذهب قولها مثلاً عند العرب للتبرؤ من التهمة.. وفي هذا المعنى أنشد كثير من شعراء العرب وضمنوا قصائدهم هذا المثل: ومنهم الشاعر الطغرائي الذي قال في لاميته الشهيرة: فِيمَ الإقامةُ في الزوراءِ لاسَكَني بها ولا ناقَتي فيها ولا جَمَلي * وقول الراعي: وما هجرتُكِ حتى قلتِ مُعلِنَةً لا ناقَةٌ لي في هذا ولا جَمَلُ * ومن ذلك قول الشهاب أبي الثناء محمود: أين الذي بِرُّهُ الآلافُ يَتْبَعُها كرائمُ الخيلِ ممن بِرُّه الإِبِلُ لَو مُثِّلَ الجُودُ سَرحاً قالَ حاتِمُهمْ لا نَاقَةَ ليَ في هذا ولا جَمَلُ * وقيل إن هذا المثل قاله الحارث بن عُبَاد حين قَتَلَ جَسَّاس بن مرة كليبا، وهاجت الحرب بين الفريقين، وكان الحارث بن عباد قد اعتزل الفريقين (أنظر كتاب مجمع الأمثال للميداني).. أتتك بحائن رجلاه * هذا المثل ينسب للحارث بن جبله الغساني، وقصة هذا المثل أن المنذر بن المنذر قال لحرملة بن عسلة أُهجُ الحارث بن جبله، فقال حرملة: إن غسان أخوالي، ولا يحسن بي هجاؤهم، فَتَهدَّده المنذر فقال حرملة: أَلَمْ تَرَ أَنِّي بَلَغتُ المَشِيبا لَدَى دارِ قَومي عَفّاً كَسُوبا وأَنَّ الإلهَ تَنَصَّفْتُهُ بأَلاَّ أعقّ وأَلاَّ أَحُوبا وأَلاَّ أُكاثِرَ ذَا نِعمةٍ وأَلاَّ أَرُدَّ أَمراً مُستَشِيبا وَغَسَّانُ قَومي هُمو ما هُمو فهل يُنسينَّهمُ أَنْ أَعِيبا * فطلب المنذر من الحارث بن العَيِّف أن يهجوهم، فقال: لا همَّ إنَّ الحارثَ بن جَبَلَهْ زَنَّى على أَبيهِ ثم قَتَلَهْ ورِكَبَ الشَّادِفَةَ المحَجَّلَهْ فأَيُّ شَيءٍ سَيئ لا فَعَلَهْ * (ويعني يزنَّي أبيه أنه ضَيَّق عليه..) ثم خرج ابن العَيَّف في جيش المنذر لقتال الحارث فدارت الحرب بينهم في مكان اسمه (عين أُباغ) فقتل فيها المنذر بن المنذر وأُسر ابن العَيِّف، فلما مَثُلَ بين يدي الحارث بن جبله قال الحارث: (أتتك بحائن رجلاه) فذهب مثلاً بين العرب.. وسلامتكم...