13 سبتمبر 2025
تسجيلكان من بين مظاهر الثورات العربية المباركة وملامحها الرئيسية في تلك الدول التي اندلعت فيها هذه الثورات والبراكين الغاضبة على الحكام وعلى الفساد وعلى الظلم والاستبداد وفي غيرها من الدول التي لم تبدأ فيها ثورات بعد، كان من أهم هذه المظاهر هو أنها كشفت للعالم أجمع كم هي مظلومة شعوب العالم العربي والإسلامي مقارنة بغيرها من شعوب الأرض إذا ما قورنت بأحوال غيرها من أمم الأرض في هذا العصر الذي يعجّ بالحريّة والتقدم في شتى أقطار العالم بينما يضج بالظلم والظلام في أجزاء كثيرة ومتعددة من العالم العربي والإسلامي، وهو مما يؤسف له بشكل كبير حيث يَعِقدُ العالم وشعوب الأرض مقارنات بين حكم الإسلام وبين حكم هؤلاء الظلمة الذين لا يمثّلون الإسلام إلا في جزئيات شكلية سطحية. فهم يسيئون إلى الإسلام وإلى تاريخ الإسلام عندما يمثّلون حقبة سوداء من الفساد الأخلاقي والمالي والإداري والاقتصادي والاجتماعي والسياسي للدول التي يديرونها وبالتالي فإنهم يمثلون صفحات سوداء غير مشرّفة في تاريخ الإسلام المُشرق الذي أراد أعداء الإسلام أن يشوّهوا صورته بعد مرحلة الاستعمار بأن مكّنوا بعض الظلمة والفسقة على شعوبهم لكي يقوموا بمواصلة نهب خيرات البلاد والعباد ومواصلة تخريبها وإفسادها تماماً كما فعل "الاحتلال" وهو المصطلح الأدق لما عُرف بالاستعمار الأجنبي. إن عموم الناس لا يفرّقون بين ما يفعله هؤلاء الطغاة وبين ما شرعه الإسلام، ولذا فإن هؤلاء الحكّام سينالهم نصيب من الإثم العظيم نتيجة تشويههم صورة الإسلام والمسلمين لدى الناس ناهيك عن ظلمهم واستبدادهم وقتلهم لشعوبهم الذي يكفي لأن يدخلوا به جهنم داخرين صاغرين غير مأسوفٍ عليهم. لقد كان من ملامح ومظاهر هذه الثورات المباركة أن أظهرت رغبة الناس في التمسك بتعاليم دينهم وشوقهم لتطبيق شرع الله والحكم بما أنزله الله في كتابه وعلى يد رسوله العظيم محمد صلى الله عليه وسلّم، فالناس في توقٍ شديد للعودة إلى الإسلام في كافة شؤون حياتهم وبالأخص في قضاياهم المصيرية التي تربطهم بالغرب المستبد المسيطر وبغيرهم من الطامعين والحاقدين في الشرق والغرب، كما أنهم في توقٍ شديد لأن يقضي القضاة بينهم وفقاً لكتاب الله وسنة رسوله لا وفقاً لأهواء الظلمة وأحكام المستبدين، فالمحاكم قد غصّت بالمظلومين والسجون قد عجّت بالمظلومين والشوارع قد امتلأت بالمضطهدين والبيوت قد امتلأت بالمحرومين من العمل ومن حقوقهم التي يستحقونها في ظل الدولة الإسلامية، مستلهمين في ذاكرتهم صوراً للعدل والحكم بما أنزل الله من تاريخ الإسلام ومن سيرة أعظم رجالات الإسلام كأبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفّان وعلي بن أبي طالب وعمر بن عبدالعزيز وغيرهم من حكّام المسلمين الذين خلّدهم الله في نفوس الناس ولا أقول بأن التاريخ قد خلّدهم، لأن الله تبارك وتعالى قد رضي عنهم لحبّهم له وخشيتهم منه ولاتباعهم لسنة رسوله صلى الله عليه وسلّم، فحظوا بمحبة الله ورسوله لأنهم قدّموا ما قاله الله ورسوله على كل شيء حتى على أنفسهم وأبنائهم، فاستحقوا أن يحبهم الخلق وأن يقتدي بهم الناس بل وأن يُسلم على يديهم عباد الله ممن شاهدوا عدل الإسلام وسماحته ورحمته للعالمين متمثّلة في هؤلاء الخلفاء الراشدين. كم هي الأمة محتاجة لأن تعود إلى حكم الله ورسوله في كافة شؤون حياتها كي تنهض من جديد وكم هم الناس محتاجون وراغبون بأن يعود الإسلام قويّاً حاكماً لهم ومدبّراً لأحوالهم وليكون حصناً منيعاً لهم من أطماع الطغاة والظالمين في الداخل والخارج.. فحتى ذلك الحين.. نبتهل إلى الله خاشعين.. اللهم انصر الإسلام والمسلمين.