26 أكتوبر 2025
تسجيلخلال فترة عملي في شركة اتصالات قطر (كيوتل في زماننا، وأوريدو حاليا)، قررت الإدارة تعطيل العمل يومين في الأسبوع، وكان ذلك قبل أي جهة أخرى في قطر، وفي اجتماع صاخب، دار جدل طويل حول ما إذا كان من الأنسب أن تكون العطلة يومي الخميس والجمعة، أم الجمعة والسبت، ودافعت بقوة عن تعطيل العمل يومي الجمعة والسبت، من منطلق أننا شركة تعمل في اتصال وثيق مع نظيراتها في الغرب والشرق، وأن الاتصال بيننا سيكون مقطوعاً 4 أيام في الأسبوع إذا صارت عطلتنا الخميس والجمعة، لأن البلدان التي نتعامل معها تعطل السبت والأحد، وفوق هذا فإن فارق التوقيت بيننا والكتلتين يجعل الاتصال معهم في الأيام الثلاثة المتبقية ينحصر في ساعات قصيرة ولأن كلامي كان منطقياً وعملياً فقد انبرى خصومي إلى اتهامي بالصهيونية، من منطلق أن السبت عطلة يهودية، «وكيف نشارك اليهود عطلتهم؟»؛ قلت لهم اسم الله عليكم! إسرائيل شاركتنا في أرضنا فصار التحسس فقط من يوم عطلة اليهود؟ وأضفت: شئتم أم أبيتم فإن السبت يوم من أيام الأسبوع، وإذا وصلت المسألة إلى حد رفض التعامل مع كل شيء فيه نكهة يهودية، فلماذا لا نلغي يوم السبت تماماً من التقويم، ونحول الأسبوع إلى «سدوس» لكونه سيتألف من 6 أيام، ويتوقف العمل يوم الجمعة فقط وتكون الحكاية سيم سيم؟! ثم إن اليهود صاروا منا وفينا ويشاركوننا «الوطن» ونبايعهم ونشاريهم البضائع، علنا وسرا، بل ونبادلهم البوسات، في اللقاءات «السرية»، بعد أن اعترفنا رسمياً بحقهم في الاستيلاء على فلسطين، وصار غاية المرام عندنا أن يعطوا الفلسطينيين حق العيش في زرائب يحرسها أغوات وباشوات فلسطينيون يأتمرون بأمر الإسرائيليين! وفي وجود رجل أخرق أحمق مثل دونالد بن أبو جهل ترامب في البيت الأبيض ذي الأفعال السوداء، يا ويل من يحيد عن الطريق الذي يؤدي إلى تل أبيب! حيث الحبيب الذي «شلُّوته» أحلى من الزبيب. أكبر دليل على عدم صهيونيتي هو أنني أصاب بالاكتئاب من مجرد ذكر كلمة السبت، فقد ارتبط في ذهني بكل ما هو قبيح منذ المراحل الدراسية المبكرة، مثل جدول الضرب والتفتيش في ملابسنا وأجسامنا في الطابور الصباحي عن القمل والخفافيش التي كانت تسكن في رؤوسنا وملابسنا البائسة، ثم دخلت الحياة العملية وصار يوم السبت هو اليوم الذي تصطبح فيه بوجوه نظراء بشار، الذي هو أسد على السوريين وعلى الإسرائيليين نعامة، أعني تلك الشخصيات المتعنظزة المتغطرسة، التي لا تبتسم إلا عندما تضمر لك شراً: تكون مستحقا علاوتك السنوية وتنتظر إشعار الموافقة عليها، فتصلك رسالة بخصم راتب أسبوع، لأنك مسّختها وأخذت إجازتين قصيرتين خلال شهرين لأن أمك تُوفِّيت بعد وفاة والدك بخمسة أسابيع، وقد تكون كبير المحاسبين وتكتشف أن بعض الأموال تسربت إلى «شبكة المجاري» وتفكر في كيفية إنفاق الحافز المادي الذي سيأتيك نظير هذا الاكتشاف: أطلقها وللا أتزوج عليها؟ مسيار وللا دوام كامل؟ وتُفاجأ بنقلك إلى المخازن حيث لا تهوية ولا إضاءة، ومن ضمن مهامك حصر أعداد الفئران في مباني المخازن!! المهم أنني صبرت ونلت، ففي عام 2003 تقرر رسميا أن يكون يوما الجمعة والسبت عطلة أسبوعية (هذا المقال احتفال بمرور 15 سنة على ذلك الحدث السعيد)، فكانت لي بذلك فرحتان: فرحة الإجازة ليوم إضافي، وفرحة شطب يوم السبت من ذاكرة العمل والدراسة، وطالما أن الجامعة العربية قاعدة بلا شغل أو مشغلة، ولم تنجز طوال مسيرتها الفاشلة عملاً نال رضا المواطن العربي، فإنني أقترح عليها أن تتبنى إلغاء يوم الأربعاء كلش.. نهائياً.. كومبليتلي.. لأن معظم الناس يتشاءمون منه (حتى الرئيس الأمريكي الأسبق رونالد ريغان لم يكن يصدر أي قرار يوم الأربعاء بإيعاز من العرافة الرئاسية). ولن نخسر شيئاً من إلغاء يوم الأربعاء، فإذا صرنا نعمل 4 أيام في الأسبوع فمعنى ذلك أن التسيب والسرقات والاختلاسات ستمارس خلال 4 أيام بدلاً من 5 أسبوعياً، مما يجعل أمر اكتشافها سهلاً، فيتسنى بذلك لمكتشفيها نيل عمولتهم منها خلال فترة قصيرة!!. [email protected]