18 سبتمبر 2025

تسجيل

قطر علاقات دولية واسعة بعد 200 يوم من الحصار (2)

25 ديسمبر 2017

أتاح الحصار لدولة قطر حضورا أكبر في المحافل الدولية وبوأها منزلة الريادة في الفضاءات الدبلوماسية وعزز علاقاتها مع مختلف الدول الفاعلة وزاد من إشعاعها في المنظمات الأممية والدولية والإقليمية رغم الممارسات اللا أخلاقية التي سجلها المراقبون النزهاء لدى المحاصرين من عمليات شراء الضمائر وتنظيم ندوات مشبوهة وتأجير أقلام قابلة للبيع في أسواق النخاسة الإعلامية المعروفة. لا بد لي أن أشير إلى أسباب تحقيق قطر لهذه المكاسب حتى انقلب السحر على السحرة: أول هذه الأسباب موقف صاحب السمو الشيخ تميم الثابت من أمرين اثنين، الأول هو التمسك بسيادة القرار القطري ورفض أي مس من خيارات الدولة. الثاني هو احترام ميثاق مجلس التعاون والإصرار على بقائه بيتا جامعا للأسرة الخليجية الواحدة مع الترفع عن المهاترات ورفض المس برموز الدول في كنف تطبيق القانون الدولي، وهو ما تعزز لدى المجتمع الدولي في كل المحطات التي أسمع فيها صاحب السمو صوت قطر منذ خطابه للشعب يوم 21 يوليو إلى خطابه التاريخي في الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 19 سبتمبر إلى حضوره المتحدي والمقدام قمة الكويت منذ أيام بينما غاب الآخرون. لا بد أيضا من تسجيل الحيوية التي ميزت تحركات سعادة وزير الخارجية الشيخ عبدالرحمن بن محمد الذي كان ينفذ بأمانة توجيهات حضرة صاحب السمو في مجالات العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية أو أثناء حضور المناسبات الدولية والمؤتمرات الصحفية، ثم إن اللغة الراقية التي استعملها لتوضيح الحقائق ودحض الأباطيل جلبت لدولة قطر الاحترام والتقدير. ولا يخفى عليكم أن ما تجنيه اليوم قطر بعد مائتي يوم من الحصار من تعاطف شعبي عالمي معها وما يصدر عن المسؤولين الكبار في الغرب وفي الصين واليابان والاتحاد الأوروبي من تصريحات شديدة التعبير عما يسمى في المعجم الدبلوماسي بالمساندة المبطنة أو بالحياد الإيجابي ما هو إلا حصاد مبارك لعدالة الملف القطري وطرق الدفاع عنه التي أقنعت العالم في نهاية المائتي يوم أن الحق والشرعية هما في الجانب القطري، وهو ما تؤكده بعض المؤشرات الدبلوماسية كانتصار لدولة قطر في معركة العلاقات الدولية التي شنوها عليها. من هذه المؤشرات إعلان وزير خارجية واشنطن تيلرسون أن قطر تعتبر شريكا ناجعا في مقاومة الإرهاب، وهو ما يسقط إحدى الذرائع الواهية للمحاصرين، وبعد ذلك تصريحه الذي ينتقد فيه صراحة سلوكيات المملكة السعودية إزاء قطر ولبنان واليمن، ومنها تصريح وزير خارجية ألمانيا السيد زيجمار جابريال الذي تكلم باسم الاتحاد الأوروبي يوم 17 نوفمبر حين استقبل وزير الخارجية اللبناني، فقال حرفيا إننا نأسف لروح المغامرة التي تتسع في المملكة السعودية منذ أشهر، وهو ما يعده الدبلوماسيون موقفا أوروبيا شاملا لا غبار عليه يلزم 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي، ومن المؤشرات أيضا تسمية الأشياء بأسمائها من قبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بمناسبة استقبال صاحب السمو في باريس يوم 17 سبتمبر حين طالب بإنهاء الحصار المضروب على قطر في أقرب وقت ممكن فوصفه بالحصارBLOCUSلا بقطع العلاقات كما يدعي المحاصرون، ثم إننا إذا ما استعرضنا مواقف القوى العظمى غير الغربية مثل روسيا والصين لأدركنا أن إجماعا دوليا تشكل تدريجيا ليكون حاضنة دبلوماسية لدولة قطر، مما عجل بضرب عزلة دولية متنامية على دول الحصار، ومن غرر بشعوبها ومن دفعها للانخراط في سياسات المحاور وتشتيت أواصر العائلات الخليجية والزج بالمنطقة في طابور خدمة أعداء الأمة، حيث لم يكن قرار الرئيس ترامب بشأن بيت المقدس ممكنا من دون سند مسبق من بعض الأطراف العربية ويسعدني في الأخير أن أذكر بأن الزعيم العربي الوحيد الذي هاتف الرئيس ترامب بعد القرار منددا ومحذرا وناطقا بكلمة الحق في حضرة السلطان الجائر هو حضرة صاحب السمو الشيخ تميم، كما كان الوحيد الذي أثار القضية الفلسطينية من على منبر الأمم المتحدة حين سكت الآخرون. خلاصة القول هي أننا بعد مائتي يوم من الحصار نشهد على الانتصار.. انتصار الحق على الباطل وانتصار الإرادة على الخديعة ونحن نتابع استمرار دولة قطر في ريادتها، لأنها الدولة التي تغير منكر العلاقات الدولية. لكن قطر بنبض شعبها تأسف لأنها تقع وسط محيط بدأ يتصدع ويتورط في مستنقعات أزمات متفاقمة، فقطر تأمل السلامة لكل دول الجوار لأن الخليج هو محيطها جغرافيا وحضاريا وقدرها أن تعيش فيه. رجاؤها الصادق أن تعبر الأزمة ويعود الصفاء بين الأشقاء.