12 سبتمبر 2025

تسجيل

أخلاق الصحفي

25 ديسمبر 2014

إن الحق سبحانه وتعالى قد اختص أمة الإسلام بالقرآن العظيم والحبل المتين الذي أنزله الله تعالى تبيانا لكل شيء وهاديا للتي هي أقوم فشمل أسس الأحكام وكليات الشريعة وقواعد الملة، فجعل من خصائص الدين شموليته في تناوله للأمور من جميع زواياها وأطرافها ومقوماتها، فهو تصور كامل وشريعته شاملة وواضحة، يتسم بيسر المنهج وصفاء السريرة، فالمنهج الصادق والذي يتسم بالصدق انطلاقة للحياة على الأرض وليس مجموعة من الكلمات والتعاليم التي تضمها الأوراق أو تتناقلها الألسنة، فديننا الحنيف دين يحترم العقل، فقد دعا القرآن الكريم الإنسان إلى الإيمان بالله والحياة الآخرة التي فيها نتائج المسؤولية والحساب والجزاء وسلك في دعوته إلى الإيمان بالله طريقين ليصل بهما الإنسان إلى معرفة حقائق الوجود: أحدهما: العقل الذي خلقه الله تعالى في الإنسان وجعله قوة نامية وبه يدرك حقائق العالم المحسوس، أما الطريق الثاني فقد جعله الله تعالى لإدراك حقائق عالم الغيب وما وراء عالم الشهادة مما لا يستطيع العقل وحده إدراكه لأنها من طبيعة مختلفة عن طبيعته، وذلك لئلا يدع الإنسان جاهلا غافلا عما وراء الكون.تعد الصحافة منبرا من منابر الدعوة الإسلامية وكمرآة للمجتمع تنقل عيوبه ومميزاته يجب على أبنائها أن يتحلوا بأخلاق الدعاة المخلصين وعلماء الدين الصالحين وبأخلاق المطلع على أحوال الناس وعوراتهم المؤتمن عليها صاحب الدواء لكل داء وما يتصف به من تقوى وصدق، فالصحفي كأي مسلم يجب عليه أن يلتزم بالخلق الإسلامي قولا وفعلا كما أن متطلبات مهنته من وجهة نظر الإسلام تفرض عليه أن يكن أشد التزاما وأكثر تمسكا بالخلق لإسلامي وأقل تهاونا وتفريطا فيه من غيره، وحيث ان المسلمين جميعا قدوتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان خلقه القرآن كما أجابت عنه السيدة عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلقه وقد مدحه الله سبحانه وتعالى في قوله: (وإنك لعلى خلق عظيم) القلم:4 ومن أهداف دعوته ما قاله عليه الصلاة والسلام: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وأنه ربط الأخلاق بالإيمان قال عليه الصلاة والسلام عندما سئل: أي الناس أكمل إيمانا قال: أحسنهم أخلاقا، لذلك فالصحفي هنا لابد أن يكون أمينا صادقا في كل كلمة أو خبر ينقله لا يزيد ولا ينقص منه بما يغير معناه أو مضمونه والغرض منه وينبغي عليه أن يتخير كلمات يصوغ بها موضوعه تكون أخف وطأة من التي تستحق أن تطلق على الواقع، بما يهون المشاكل والأزمات على أصحابها وحتى لا تتفاقم آثارها فتصيبهم السلبية واللامبالاة والتقاعس عن حلها ولا يشتد في وطأتها بما يثير النفوس ويعلي روح التمرد والعصيان فيها فتخرج الجماهير معبرة عن ذلك بطريقة تهورية تصيب الحياة بالشلل وتسبب عجزا لأهل الحل والقيادة في اختيار القرار المناسب، وقد أمرنا الإسلام بتحري الصدق والبعد عن الكذب، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة فإن فيه النجاة وتجنبوا الكذب وإن رأيتم فيه النجاة فإن فيه الهلكة) رواه أحمد.والصحافة بقدرتها على إعادة تشكيل أخلاقيات وسلوكيات بل ومعتقدات الناس لذلك يجب على أبنائها ألا يعملوا على نشر الأفكار الهدامة والمعادية للدين أو إشاعة الفاحشة، فعلى الصحفي أن يعلم أنه يعيش ويعمل في مجتمع إسلامي له قيمه ومبادئه التي يستمدها من الإسلام والتي من ضمنها سد أي باب يؤدي إلى مفسدة أو فاحشة، وبالتالي لا يجوز له نشر الصور العارية أو المثيرة وكتابة القصص الجنسية والغرامية والتي من شأنها إشعال الشهوات والنزوات لدى الشباب مما يؤدي بهم إلى الوقوع في المعصية، والصحفي المسلم وقته ثمين يمضيه في البحث عن مشاكل الناس ومتاعبهم وهكذا الصحافة فلا يشغل الناس بما لا يعنيهم، فمن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعينه، فلا يخوض في الباطل واللهو ويبعد الناس عن أهدافهم ويشغلهم بما لا ينفع والصحفي المسلم يتريث عند سماع أية واقعة أو حدث ويتأكد من صدقها ومصدرها قبل إعلانها على الناس حتى لا يسهم في نشر الشائعات وما تلحقه بالمجتمع وأفراده من أضرار.