16 سبتمبر 2025
تسجيلارتقت الحضارة الإنسانية في تطورها من خلال الأخذ والعطاء والتأثير المتبادل، وقد مرّ الاتصال الإنساني بمراحل شهد خلالها تطوّرات ظاهرة، انتقلت معها العملية الاتصاليّة من الإشارات البسيطة إلى التكنولوجيا الجبّارة الحديثة، وإن مواقف الإبداع والرقي التي وصفها المسلمون بسواعدهم وإرادتهم الكبيرة تشير إلى دور المسلمين في الإبداع الحضاري على المستوى العالمي. المسلمون هم الذين حملوا المنار الهادي والأرض تتيه في ليل الجهل، وقالوا للناس: "هذا هو الطريق".. المسلمون هم الذين نصبوا موازين العدل يوم رفعت كل أمة عصا الطغيان، المسلمون هم الذين أحييوا القلوب بالإيمان، والعقول بالعلم، والناس كلهم بالحرية والحضارة. المسلمون هم الذين أنشأوا حضارة الشام والعراق ومصر والأندلس، هم الذين أسسوا بيت الحكمة والمدرسة النظامية وجامعة قرطبة والجامع الأزهر، المسلمون هم الذين بنوا قبة الصخرة و"سر من رأى" والزهراء والحمراء وتاج محل. المسلمون هم الذين قاموا بحضارة كانت خيراً كلها وبركات، حضارة روح وجسد، وفضيلة وسعادة، فعم نفعها الناس، وتفيأ ظلالها أهل الأرض جميعاً، لقد عرف الكون مجمعاً بشريا قام على الأخلاق والصدق والإيثار، ولا تحققت المثل البشرية العليا إلا في المسلمين. المسلمون ليسوا أمة تربط بينها اللغة، تجمع بينهم التقوى إن فصل الدم، وتوحد بينهم العقيدة إن اختلفت اللغات، أليس المسلم يتوجه كل يوم خمس مرات إلى الكعبة المقدسة، واجتماعه كل عام في عرفات، رمزا إلى أن الإسلام قومية جامعة، مركزها الحجاز العربية وإمامها النبي العربي وكتابها القرآن العربي؟. اختار الله العرب لنشر الإيمان بوصفهم أمة قائدة للعالم الجديد، إن الجيل الأول من المسلمين هم الذين غيروا وجه التاريخ وأثروا في الحضارة الإنسانية، لقد مكن الإسلام العرب والمسلمين خلال حقبة وجيزة من قيادة أفضل تجربة حضارية إنسانية امتزج فيه الدين بالعقل وبالبناء الحضاري. الإسلام دين الحق الأبلج، لا حجب فيه ولا أستار، ولا خفايا فيه ولا أسرار. حرص الإسلام كل الحرص على تأكيد مبدأ التسامح بين أتباع الأديان المختلفة بجعله عنصرا جوهريا من عناصر عقيدة المسلمين في الأديان السماوية، وكل هذه في نظر الإسلام حلقات متصلة لرسالة واحدة جاء بها الأنبياء والرسل من عند الله على مدى الشان الإنساني. لقد شرع الإسلام ضوابط التسامح ومنطلقاته الفكرية التي تجسد معاني الإنسانية، فالمسلمون هم خلاصة البشر وصفوة الإنسانية، المسلمون لهم كل الأرض يتلا فيها القرآن وتصدح مناراتها بالأذان، فالمسلمون لهم المستقبل الزاهر، ومستقبل العالم يتصل بالمسلمين.